نعم، كنا نعد لهذا اليوم، كل سنوات سفرنا نعد لهذا اليوم ...
الناس صامتون، صمت حذر، الناقرون وضعوا عصيهم جانبا ونقاقيرهم جانبين، المغنون نحوا أغانيهم الزرقاء جانبا وألحانهم ألف جانب، الوقت انتظار كبير موتور، وكأنما هنالك ملك يحتضر، ملك شرير، كان يقول ويقول ويقول، كانوا يسمعون ويسمعون ويسمعون، ولا يفهمون ولا يفهمون ولا يفهمون، الكواكيرو بدأت عليه دلائل قلق عصي، يحشو غليونه بالتباكو، الأطفال يصعدون على ظهر عربات الجيب الجميلة، يلعبون. «عندما تعلمنا عرفنا، تفتحت أعيننا لأشياء كان يعمينا عنها الجهل، فرأينا الدغل كما يجب أن يرى؛ ثرواته وأهمها البترول والذهب، الثروة الغابية والحيوانية وهذه لا تقدر بثمن أو تعد. ولكن لماذا نظل نحن سكان الدغل أفقر الفقراء ونحن أغنى الأغنياء؟ لماذا نحن جائعون ومتخلفون، عراة وجاهلون؟»
ثم تحدث العائدون عن حرب الإبادة الشاملة وأعادوا ذكرى حرب 1950، بتفاصيل نسيها من حضر الحرب من الشيوخ واندهش لدقتها المتذكرون، كانوا يعرفون كل كبيرة وصغيرة عن حرب 1950، «ولولا أنكم لا تستطيعون القراءة والكتابة لعرضنا لكم الوثائق الآن.»
ثم تحدثوا عن حرب 1952 التي عرفت في التاريخ بحرب التهجير، والتي أجبرت فيها كثير من القبائل الدغلية على هجر الدغل والإقامة على هوامش مدن الشرق المتحضرة والخضوع لبرامج تثقيفية تهدف لطمس هوية الدغليين وتشريقهم؛ مسخهم. «الآن تفتحت أعين أعيننا.
والآن تفتحت آذان آذاننا.
وجئنا لنبصركم ما أبصرنا.
ونسمعكم ما سمعنا. جئنا لنوحد القول والرؤية.
فآن الأوان لكي نتحرر، لكي نستقل، لكي ننشئ دولتنا التي تخصنا، ونستمتع بثرواتنا التي تسرقها الآن حكومة الشرق.»
ثم تلا عليهم وقائع المؤتمر الثامن للحركة الوطنية للتحرير، الذي ضمن مقرراته أن يبدأ العمل المسلح الآن ...
وقف الكواكيرو على رجليه لكي يراه الجميع، قال: «نسي الأبناء أننا هنا ما زلنا لا نفهم الكلام المعقد، والناس جميعا هنا يريدون أن يعرفوا منكم باللغة التي يعرفونها: هل ستفتحون بيوتا للتعليم؟
صفحة غير معروفة