رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٦،السنة ٣٤
سنة النشر
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
تصانيف
٢ - قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ١.
قَالَ الْعَضُد الإيجي: "وَظَاهر الْآيَة التَّعْمِيم، أَي يفهم مِنْهُ مُرَاعَاة مصالحهم فِيمَا شرع لَهُم من الْأَحْكَام كلهَا، إِذْ لَو أرسل بِحكم لَا مصلحَة لَهُم فِيهِ لَكَانَ إرْسَالًا لغير الرَّحْمَة، لِأَنَّهُ تَكْلِيف بِلَا فَائِدَة، فَخَالف ظَاهر الْعُمُوم"٢.
٣ - وَمن السّنة: قَوْله ﷺ: "الْخلق كلهم عِيَال الله فأحبهم إِلَى الله أنفعهم لِعِيَالِهِ" ٣ فقد أوضح الرَّسُول ﷺ أَن منَاط قرب الْإِنْسَان من الله تَعَالَى هُوَ مدى تَقْدِيمه النَّفْع والخدمة لِعِبَادِهِ، وَذَلِكَ برعاية مصالحهم وتوفير مَا بِهِ سعادتهم الْحَقِيقِيَّة.
وَإِذا كَانَ ميزَان مَا يتَقرَّب بِهِ الْإِنْسَان إِلَى الله فِي أَعماله هُوَ: خدمَة مصَالح الْعباد، فأحرى أَن يكون هَذَا الْمِيزَان هُوَ نَفسه الْمُحكم فِي نظام الشَّرِيعَة الإسلامية نَفسهَا٤.
_________
١ - سُورَة الْأَنْبِيَاء آيَة: ١٠٧
٢ - شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ٢ / ٢٣٨ نقلا عَن نظرية الْمَقَاصِد ص ٢١٩.
٣ - رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى وَذكر السخاوي لَهُ عدَّة طرق فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ص ٢٠٠.
٤ - ضوابط الْمصلحَة للدكتور البوطي ص ٧٨ - ٧٩.
فُقَهَاء الصَّحَابَة ينظرُونَ الى الْمَقَاصِد والمصالح ... فُقَهَاء الصَّحَابَة ينظرُونَ إِلَى مَقَاصِد الشَّرِيعَة: وَمن نظر إِلَى مَا أثر عَن فُقَهَاء الصَّحَابَة ﵁ مثل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم وَنظر إِلَى فقههم وتأمله بعمق تبين لَهُ أَنهم كَانُوا ينظرُونَ إِلَى مَا وَرَاء الْأَحْكَام من علل ومصالح وَمَا تحمله الْأَوَامِر والنواهي من حكم ومقاصد، فَإِذا أفتوا فِي مَسْأَلَة أَو حكمُوا فِي قَضِيَّة لم يغبْ عَن بالهم مَقَاصِد الشَّرِيعَة وأهدافها، وَلم يهدروا هَذِه الْمَقَاصِد الْكُلية فِي
فُقَهَاء الصَّحَابَة ينظرُونَ الى الْمَقَاصِد والمصالح ... فُقَهَاء الصَّحَابَة ينظرُونَ إِلَى مَقَاصِد الشَّرِيعَة: وَمن نظر إِلَى مَا أثر عَن فُقَهَاء الصَّحَابَة ﵁ مثل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم وَنظر إِلَى فقههم وتأمله بعمق تبين لَهُ أَنهم كَانُوا ينظرُونَ إِلَى مَا وَرَاء الْأَحْكَام من علل ومصالح وَمَا تحمله الْأَوَامِر والنواهي من حكم ومقاصد، فَإِذا أفتوا فِي مَسْأَلَة أَو حكمُوا فِي قَضِيَّة لم يغبْ عَن بالهم مَقَاصِد الشَّرِيعَة وأهدافها، وَلم يهدروا هَذِه الْمَقَاصِد الْكُلية فِي
1 / 214