رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٦،السنة ٣٤
سنة النشر
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
تصانيف
مدْخل:
الْعَاقِل لَا يقدم على فعل إِلَّا لمصْلحَة، وَلَا يَأْمر أَو ينْهَى عَن شَيْء إِلَّا لحكمة فضلا عَن الله ﷾ الَّذِي هُوَ مصدر كل كَمَال ومنبع كل نوال كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ١ أَي كَانَ وَلم يزل يصدر فِي أَفعاله وَأَحْكَامه عَن علم وَحِكْمَة - لَا عَن جهل وعبث – سُبْحَانَهُ.
فَهُوَ جلّ وَعلا لم يخلق شَيْئا بَاطِلا أَو لعبًا، وَلم يشرع شرعا عَبَثا أَو اعتباطًا بل إِن كل أَحْكَامه – ﷿ – مثل كل أَفعاله منوطة بالحكمة فَهُوَ سُبْحَانَهُ حَكِيم فِيمَا خلق، وَحَكِيم فِيمَا شرع. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ﴾ ٢ أَي عابثين، والعبث: مَا خلا عَن الْمصلحَة وَالْحكمَة.
وَقَالَ جلّ وَعلا: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا﴾ ٣ أَي من غير مصلحَة مَقْصُودَة وَحِكْمَة منشودة؟!
﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ﴾ ٤ "أَي تقدس أَن يخلق شَيْئا عَبَثا فَإِنَّهُ الْملك الْحق المنزه عَن ذَلِك"٥.
وَقَالَ ﷿ فِي مقادير الْمَوَارِيث -: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ﴾ حَتَّى خَتمهَا بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ٦ "لتشعر الْقُلُوب بِأَن قَضَاء الله للنَّاس مَعَ أَنه هُوَ الأَصْل الَّذِي لَا يحل لَهُم غَيره، فَهُوَ كَذَلِك الْمصلحَة المبنية على
_________
١ - سُورَة الْفَتْح آيَة (٤) .
٢ - سُورَة الْأَنْبِيَاء آيَة (١٦) .
٣ - سُورَة الْمُؤْمِنُونَ آيَة (١١٥) .
٤ - سُورَة الْمُؤْمِنُونَ آيَة (١١٦) .
٥ - انْظُر تَفْسِير ابْن كثير ٣/٣١٦.
٦ - سُورَة النِّسَاء آيَة (١١) .
1 / 199