... وحيث علم حرمة اللعب واللهو والعبث ، علم حرمة الرقص والدوران الذي تفعله هذه الطائفة بلا شك ، فإنه داخل في العبث واللعب ، وهو بالعبث أنسب ، بخلوه عن اللذة التي في اللعب ، اللهم إلا أن تكون نفوسهم تستلذه بتسويل الشيطان ، فليدخل حينئذ في حد اللعب ، وقد قررنا حرمته ما لم يكن مما استثناه الشرع ، والتصريح بحرمة الرقص مشهورة في كتب أئمتنا رحمهم الله وغيرها ، قال البزازي (¬1) والقرطبي على أن هذا الغناء ، وضرب القضيب والرقص حرام بالإجماع عند مالك والشافعي وأحمد في مواضع من كتابه ، وسيد الطائفة شيخ أحمد النسوي صرح بحرمته ، ورأيت فتوى شيخ الإسلام ، جلال الملة والدين الكيلاني أن مستحل هذا الرقص كافر ، ولما علم أن حرمته بالإجماع لزم أن يكفر مستحله ، وللشيخ الزمخشري في كشافه كلمات فيهم تقوم بها عليهم الطامة ، ولصاحب النهاية ، والإمام المحبوبي أيضا أشد من ذلك ، وقال في شرح الكنز بعدما ذكر / قوله عليه الصلاة والسلام ( كل 3ب لعب ابن آدم حرام إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل أهله ، وتأديبه لفرسه ، ومناضلته بقوسه ) ، وهذا نص صريح في تحريم الرقص الذي يسميه المتصوفة الوقت وسماع الطيب ، وإنما هو سماع فيه أنواع الفسق ، وأنواع العذاب في الآخرة ، وقال في اليتيمة سئل الحلواني عن من يسمون (¬1) أنفسهم بالصوفية ، واختصوا بنوع لبسة ، واشتغلوا باللهو والرقص ، وادعوا لأنفسهم المنزلة ، فقال : افتروا على الله كذبا أم بهم جنة ، فليس النبي صلى الله عليه وسلم من الدد ، ولا الدد (¬2) منه ، ونهى عليه الصلاة والسلام عن لبس الشهرتين ، فقال ليس (¬3) بشيء ، ألا ساء ما يزرون ، وسئل إن كانوا زائغين عن الطريق المستقيم ، هل ينفون من البلاد لقطع فتنتهم عن العامة ، فقال : إماطة الأذى أبلغ في الصيانة ، وأمثل في الديانة ، وتمييز الخبيث من الطيب أزكى وأولى ، وذكر في التاتار خانية عن النصاب ، هل يجوز الرقص والسماع ؟ الجواب لا يجوز ، وذكر في الذخيرة أنه كبيرة ، ومن أباحه من المشايخ فذلك للذي حركاته كحركات المرتعش ، انتهى .
فصل :
صفحة ٧