أما الترجمة المعتمدة عالميا فهي الترجمة اللاتينية، لكونها أكمل الترجمات، وهي التي سنعتمد نصها الإنكليزي فيما يلي:
12
يبتدئ السفر بمقدمة تسرد نسب عزرا، الشخصية التوراتية التي يضع السفر كلامه على لسانها، ثم يفتتح السفر بقول عزرا: «وكانت كلمة الرب إلي قائلا: اذهب وأعلن لشعبي عن شرورهم ولأولادهم عن خطاياهم التي اقترفوها أمامي.» بعد ذلك يتابع الرب تعداد نعمه التي أنعم على بني إسرائيل وكيف قابلوه بالجحود والنكران وأداروا ظهورهم لشريعته. وينتهي إلى القول بأنه سيترك شعبه الذي اختاره إلى شعوب وأمم أخرى: «سوف ألتفت إلى شعوب أخرى فأعطيها اسمي وتعمل شرائعي، لقد تركتموني وأنا أيضا سوف أترككم. عندما تستجدون رحمتي أحجبها عنكم، وعندما تبسطون أيديكم إلي أصرف سمعي عنكم. أيديكم ملآنة دما وأرجلكم سريعة لاقتراف الجريمة. والحق فإنكم ما تركتموني وإنما تركتم أنفسكم، يقول الرب: ألم أعطف عليكم كما يعطف الأب على أولاده والأم على فلذات كبدها، لتكونوا لي شعبا ولأكون لكم إلها، وتكونوا لي أولادا وأكون لكم أبا؟ لقد جمعتكم كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها، ولكن ماذا أفعل لكم الآن؟ سأنبذكم من أمامي وأدير وجهي عن تقدماتكم. رءوس شهوركم، وأعيادكم، وختان الجسم، بغضتها نفسي. أرسلت إليكم خدمي الأنبياء ولكنكم قتلتموهم ومزقتم أجسادهم، وها أنا ذا أطلب دماءهم منكم، يقول الرب.» «هو ذا بيتكم خرابا، تخرجون منه فأذروكم كما تفعل الريح بالقش ... وأعطي مساكنكم لشعب يأتي، شعب يؤمن بي ولم يسمعني، يفعل مشيئتي ولم أظهر له آية، يترك طرقه القديمة ولم أبعث له أنبياء، يوقنون بأقوالي ولم يروني رؤية العين بل رؤية الروح. انظر يا عزرا باعتزاز الشعب الآتي من الشرق، له سوف أعطي إبراهيم وإسحاق ويعقوب قادة، وأعطي هوشع وعاموس وميخا ويوئيل ... (إلخ) أنبياء. لقد أخرجت هذا الشعب من الأسر وأعطيتهم وصاياي عن طريق الأنبياء، ولكنهم لم يصغوا إليها بل راحت هباء ... فليتفرقوا بين الأمم وليمح اسمهم وذكرهم عن وجه الأرض، لأنهم رذلوا عهدي ... هكذا يقول الرب لعزرا: قل لشعبي «الجديد» بأني سأهبهم مملكة أورشليم التي أعددتها لإسرائيل، وأسحب منها مجدها، سأهبهم سكنا أبديا أعددته لإسرائيل، فيه شجرة الحياة تعطيهم عطرها فواحا، وفيه لا يتعبون ولا يشقون .»
بعد ذلك تعرض لعزرا رؤى سبع متتابعة، وهو في مدينة بابل التي سيق إليها مسببو يهوذا. في الرؤيا الأولى يناجي عزرا ربه ويطرح عددا من التساؤلات التي تدور حول أصل الشر في العالم ومصير إسرائيل والبشرية. فمنذ البداية فرض الرب على آدم وصية واحدة فقط، ومع ذلك لم يكن أهلا للاضطلاع بها فأخطأ إلى الرب وحكم عليه وعلى ذريته بالموت. وعن آدم نشأت شعوب وأمم كثيرة جميعها مشى وراء أفكاره وترك الرب، فأهلكهم الرب بطوفان عظيم وأنجى نوحا ومن معه، ولكن أمم ما بعد الطوفان لم تكن بأحسن حالا من سابقتها، بل لقد فجرت وضلت أكثر منها ... ولذا فقد اختار الرب إسرائيل شعبا خاصا وأعطاه الشريعة، ولكن إسرائيل ضل عن السبيل لأن الرب لم يطهر قلبه من الإثم الإنساني فعاشت بذرة الخطيئة التي زرعت في قلب آدم مع الشريعة جنبا إلى جنب، ثم ذهب الخير واستقر الشر في القلوب فآلت إسرائيل إلى الدمار والخراب.
ثم ينظر عزرا حواليه ويرى أن خطيئة بابل ليست أقل من خطيئة إسرائيل، وإثم الأمم ليس أقل من إثم نسل يعقوب. فلماذا حم القضاء على إسرائيل وحدها بينما ترتع بقية الأمم الضالة بالثراء والدعة، وتكافأ على شرها فيضاعف رزقها أضعافا. هنا يتدخل الملاك المدعو أوريئيل محاورا عزرا، ويقول له بأن فهمه قد قصر عن استيعاب ما يجري في هذا العالم، لأن أسباب ما يجري تقع وراء الظاهر، وطرق الله خفية على الإنسان، ثم يكشف له عن مجيء ساعة قريبة يحصد فيها من زرع بذرة الشر محصوله، ويحصد فيها من زرع بذرة الخير محصوله، وهذه الساعة تأتي في ميعاد دقيق محسوب عند رب العالمين. فكما أن رحم المرأة لا يستطيع الاحتفاظ بالجنين في آخر الشهر التاسع عندما يأتي المخاض، كذلك الأرض التي أتخمت بالموتى منذ بدء الخليقة، فهي لن تلفظهم قبل مجيء ساعة مخاضها في اليوم الأخير.
ولكن للساعة علاماتها، ففي ذلك الوقت يتملك الناس ذعر عظيم، وتغيب سبل الحق ويفقد الإيمان في الأرض. الشمس تشرق في الليل، والقمر يطلع في النهار، والدم ينبثق من الأشجار، الصخر يتكلم ويسمع صوته، والنجوم تغير مجراها وتتساقط على الأرض، قوة غير معروفة تبسط سلطانها، وصوت مجهول يسمع في الليل من قبل الجميع، تتشقق الأرض عبر المساحات الواسعة، وتندلع نيران لا تنطفئ، تترك الطيور أعشاشها وتفر، والكواسر تهجر مقراتها، والبحر يلفظ أحياءه، تحمل النساء مسوخا، وابن السنة يتكلم، والحوامل تضع في ثلاثة أو أربعة أشهر، وهؤلاء يعيشون ويرقصون، تجف الحقول وتفرغ الإهراءات، ويختلط ماء الأرض الحلو بمائها المالح، يقوم الأصدقاء والإخوة ضد بعضهم ويتقاتلون بضراوة، يفقد الرشد والتفكير السليم، وتنسحب الحكمة إلى مخبئها فلا يجدها أحد، عمل الناس لا يعطي ثمارا، وكدهم يذهب هباء.
تتابع رؤى عزرا بعد الرؤيا الأولى، وفي نهاية كل رؤيا كان عزرا يصوم ويصلي مدة سبعة أيام قبل أن تأتيه رؤيا أخرى. في الرؤيا الثانية يتابع عزرا حواره مع الرب من خلال الملاك أوريئيل الذي يجيبه عن كل سؤال، ويدور الحوار حول مصير إسرائيل والأزمنة الأخيرة. وفي النهاية يلخص الملاك أجوبته بالمقطع الآتي الذي نفهم منه أن كل ما كان وما هو كائن وما سيكون، إنما يجري وفق مخطط دقيق وضعه الرب قبل خلق العالم، عندما رسم دائرة على وجه المياه الأولى فحدد بها موقع الكون في المكان اللامتناهي: «عندما رسم دائرة الأرض، وقبل أن يرسي دعائم الكون، قبل أن تتحرك مجامع الرياح، قبل أن يهدر صوت الرعد، قبل أن يلتمع ومض البرق، قبل أن توضع أساسات الفردوس، قبل أن يرى بصر ورودا نضرة، قبل أن تطلق قوى الزلزال ... قبل أن ينتظم حشد الملائكة ... قبل أن ترفع الأجواء عاليا، وتسمى بروج السماء، قبل تشكيل مدرجات جبل صهيون، قبل أن يوضع حساب السنين، قبل أن يجنح خيال الخطأة بهم نحو الخطيئة، ويختم على جباه أهل كنوز الإيمان، قبل هذه جميعا وضعت مخطط كل شيء وجميعها صنعتها أنا ولا أحد آخر، مثلما سأصنع نهايتها أنا ولا أحد آخر.»
في الرؤيا الثالثة ينقل الرب لعزرا خبر مملكة المسيح القادمة على الأرض، والتي ستدوم مدة أربعمائة سنة: «هو ذا يوم يأتي، بعد ظهور الإشارات التي أنبأتك بها، فتظهر المدينة التي لا أثر لها الآن، ويكشف عن الأرض غير المنظورة الآن. عندها سيرى كل من نجا من الكوارث التي أخبرتك بخبرها عجائبي. عندها سيظهر المسيح، ابني، والذين معه، وسينعم الذين بقوا مدة أربعمائة سنة، ثم يموت المسيح وكل ذي نسمة حياة معه، ويعود العالم إلى الصمت البدئي مدة سبعة أيام، كما كانت حاله قبل البدايات. بعد ذلك يستيقظ العالم النائم ويتلاشى منه ما هو قابل للفساد ... ستلفظ الأرض الأجساد النائمة فيها، وتخرج ردهات المطهر ما عهد إليها من أرواح، ويظهر العلي مستويا على عرش الدينونة. عندها تزول الرحمة ويغيب الصبر ويبقى الحساب «العسير». عندها ينزرع الحق وينمو البر، يصحو الخير ولا ينام الصلاح ويعرض الثواب والعقاب. عندها تتعرى هاوية العذاب ويبرز في مقابلها مقام النعيم، يكشف عن أتون الجحيم ويبرز في مقابله الفردوس المقيم. عندها يقول العلي للأمم التي بعثت من الموت: انظروا الآن إلى الذين أنكرتم ورذلتم وصاياه، ثم انظروا إلى هذه الجهة وإلى تلك. هنا السكينة والنعيم وهناك العذاب والجحيم. هذا ما يقوله العلي في يوم الدينونة، يوم ليس فيه شمس ولا قمر ولا نجوم، ليس فيه سحاب ولا رعد ولا برق ولا ريح ولا هواء ولا ماء، ليس فيه صباح ولا مساء، ليس فيه صيف ولا ربيع ولا حر ولا صقيع، ولا وابل ولا ندى، ليس فيه ظهر ولا مغرب، ولا فجر ولا إشراقة ضوء. وحده مجد العلي يتلألأ».
13
عقب ذلك يقول عزرا للملاك إن الفئة الناجية هم قلة والهالكين كثر؛ لأن الشر المزروع في النفس الإنسانية قد حرف جل البشر عن طرق الله، فيجيبه الملاك بأن الحصى في الأرض أكثر من الرصاص، والرصاص أكثر من الحديد، والحديد أكثر من النحاس، والنحاس أكثر من الفضة، والفضة أكثر من الذهب. فالثمين في الأرض هو القليل والنادر، وهذا ينطبق على طبقات وأنواع البشر. لقد خلق هذا العالم من أجل الكثيرين، ولكن قلة معدة للخلاص ولوراثة العالم القادم.
صفحة غير معروفة