ولدينا في سورة النمل نموذج عن القوة فوق الطبيعانية التي للجن، وذلك في قصة ملكة سبأ مع سليمان. فلقد سمع الملك سليمان بخبر ملكة سبأ، فأرسل إليها يدعوها للإيمان بالله وترك عبادة الشمس والكواكب، فأرسلت إليه هدايا ثمينة ولم تجبه للإيمان، فرد سليمان هداياها إليها وعزم على السير لمحاربتها، ولكنها بادرته بالسير لزيارته، قبل أن تصل الملكة أراد أن يريها آية تدفعها إلى الإيمان. ولما كان سليمان متسلطا على الجن، يأتمرون بأمره:
ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه (سبأ: 12)، فقد دعا الجن وسألهم أيهم قادر على إتيانه بعرش الملكة من بلدها قبل أن تصل:
قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل (سورة النمل: 38-40). (1-5) خلق الإنسان وسقوطه
بعد أن فرغ الله من خلق السماوات والأرض عزم على خلق الإنسان، فأطلع الملائكة على نواياه:
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم * وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون (البقرة: 29-30). ثم خلق الله آدم من تراب الأرض الممزوج بالماء، مثلما تصنع الآنية الفخارية:
خلق الإنسان من صلصال كالفخار (الرحمن: 14).
إنا خلقناهم من طين لازب (الصافات: 11). والطين اللازب هو الطين اللزج الرخو، وكذلك الحمأ المسنون:
ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون (الحجر: 26). وقد تولى الله خلق آدم بيديه لا بكلمته، على ما نفهم من خطابه لإبليس بعد ذلك:
قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي (ص: 75). وقد ورد في التفاسير أن الله تعالى جبل آدم من تراب الأرض فعجنه بماء فصار طينا لازبا، أي متلاصقا يلتصق باليد، ثم تركه حتى صار حمأ مسنونا، أي طينا أسودا، ثم صورة كما تصور الأواني، ثم أيبسه حتى صار في غاية الصلابة كالفخار إذا نقر صوت.
9
صفحة غير معروفة