رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر
محقق
أسعد محمد المغربي
الناشر
دار حراء-مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
العقائد والملل
﴿ذوقوا مَا كُنْتُم تكسبون﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿ذَلِك بِمَا قدمت يداك﴾ وَأما مَا يَقع لَا فِي مُقَابلَة ذَنْب فَهُوَ بلَاء وابتلاء من الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ لَكِن يبْقى الْكَلَام فِي نفس هَذِه الْحِكْمَة الْكُلية فِي هَذِه الْحَوَادِث فَهَذِهِ لَيْسَ على النَّاس معرفَة أسرارها الْحَقِيقِيَّة ويكفيهم التَّسْلِيم لمن قد علمُوا أَنه بِكُل شَيْء عليم وَإنَّهُ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَمن العجيب قَول كثير من النَّاس أَنه تَعَالَى يؤلم الْأَطْفَال ليكْثر بذللك ثَوَاب والديهم وَفِيه نظر لما قَالَ الإِمَام ابْن حزم إِن من الْجور والعبث تَعْذِيب من لَا ذَنْب لَهُ أصلا ليكْثر بذلك ثَوَاب مذنب آخر اَوْ غير مذنب وَقد يكون هَذَا الطِّفْل أَبَوَاهُ كَافِرين وَأَيْضًا فبقية الْحَيَوَانَات كالكلاب وَنَحْوهَا فإيلامها بالأمراض وَنَحْوهَا لماذا فَلم يبْق إِلَّا أَنا نقُول لله تَعَالَى فِي هَذَا سر من الْحِكْمَة وَالْعدْل نوقن بِهِ وَلَا نعلم مَا هُوَ وَلَا كَيفَ هُوَ فَتَأمل فَإِنَّهُ دَقِيق ونجد أَيْضا الْحَيَوَان بعضه مسلطا على بعض بِالْقَتْلِ وَغَيره وَبَعض الْحَيَوَانَات يُؤْكَل وَلَا يَأْكُل هُوَ حَيَوَانا أصلا فَأَي ذَنْب كَانَ لَهُ حَتَّى سلط عَلَيْهِ غَيره فَقتله وَمن ذَا الَّذِي يُثَاب هُنَا
قلت وايراد مثل هَذَا فِي هَذَا الْمقَام تلبيس موقع فِي الْحيرَة لِأَن الْمَطْلُوب من أهل الْحِكْمَة وَالتَّعْلِيل إِنَّمَا هُوَ تَعْلِيل تَكْلِيف الْمُكَلّفين وعقوبة العاصين وَهَذَا تقريب مَعْقُول الْمَعْنى كَمَا تقدم تَقْرِيره
وَأما تَعْلِيل أَفعَال الله كلهَا الْجَارِيَة فِي الْمُكَلّفين وَغَيرهم فَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيل الى مَعْرفَته وَالْوُقُوف على سر حَقِيقَته وَفِي مثل هَذَا الْمقَام تخبطت الأفهام فَقَالَت طَائِفَة إِن الْبَهَائِم والأطفال لَا تتألم وَلَا تحس بالألم وَهَذَا جحد للضَّرُورَة ومكابرة فِي المحسوس وَقَالَت طَائِفَة أَن ذَلِك لَا يصدر إِلَّا
1 / 57