والله أعلم.
ويدل عليه ما رواه ابن ماجه عن جابر ﵁ قال: كنا مع النبي ﷺ في سفر فانتبهنا إلى غدير فيه جيفة، فكففنا وكف الناس حتى أتانا رسول الله ﷺ فقال: "ما لكم تستبقون؟ " فقلنا: يا رسول الله هذه الجيفة. فقال: "استقوا فإن الماء لا ينجسه شيء"، فاستبقنا وارتوينا (١). ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث أبي سعيد وفيه أنها جمل -يعني الجيفة- (٢)، وهذا كما ترى ليس فيه بيان اجتناب جانب الجيفة، ولو كانت لتوفرت الدعاوي على نقله، ويدل عليه ما أخرجه ابن أبي شيبة عن عكرمة قال: مر رسول الله ﷺ بغدير فقالوا: يا رسول الله إن الكلاب تلغ فيه والسباع! فقال رسول الله ﷺ: "للسبع ما أخذ في بطنه وللكلب ما أخذ في بطنه فاشربوا وتوضئوا" قال: فشربوا وتوضئوا (٣).
وأصحابنا ﵃ يحتجون بالمرسل. قال الأخسيكثي (٤) في "منتخب الأصول" أنه
_________
(١) إسناده ضعيف والحديث صحيح دون قصة الجيفة – أخرجه ابن ماجه من طريق شريك، عن طريف بن شهاب قال: سمعت أبا نضرة، يحدث عن جابر بن عبد الله ﵁ مختصرا بنحوه، وفيه شريك القاضي وهو صدوق يخطئ كثيرا، وشيخه طريف قال عنه الذهبي في "الكاشف": "ضعفوه"، وقال عنه ابن حجر: "ضعيف" وبه أعله البوصيري فقال في "الزوائد": "ضعيف لضعف طريف بن شهاب. قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ضعيف ".
(٢) لم أقف عليه عند أبي يعلى مطولا، وإنما رواه من حديث أبي سعيد ﵁ بدون ذكر القصة، وقد رواه أبو عبيد في "الطهور" من طريق شريك بن عبد الله، عن طريف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا مع النبي ﷺ فانتهينا إلى غدير فيه جيفة قال شريك أحسبه، قال: حمار ... الحديث، وإسناده ضعيف كسابقه.
(٣) إسناده ضعيف مرسل - رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" عن عكرمة مرسلا به.
(٤) هو محمد بن محمد بن عمر الأَخْسيْكَثي، الحنفي حسام الدين فقيه، أصولي، من أهل (أخسيكث) من بلاد فرغانة، من تصانيفه: المختصر في أصول الفقه ويعرف بالمنتخب الحسامي نسبة إلى لقبه (حسام الدين)، مفتاح الأصول، غاية التحقيق، ودقائق الأصول والتبيين، مات يوم الإثنين، ثالث عشر ذي القعدة سنة أربع وأربعين وستمائة. وترجمته في تاج التراجم (ص/٢٤٥)، معجم المؤلفين (١١/ ٢٥٣)، الأعلام (٧/ ٢٨).
1 / 40