وقال الحاكم الشهيد (١) في "الكافي": قال أبو عصمة (٢): كان محمد بن الحسن يوقت في ذلك عشرة في عشرة، ثم رجع إلى قول أبي حنيفة، وقال: لا أوقت فيه شيئًا. انتهى
فالحاصل أن ماء الأواني ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير، ولا ينظر فيه بغلبة الظن الخلوص ولا بغيره. انتهى
وأما المصانع والغدران يعمل فيه بغلبة الظن على الصحيح عند أبي حنيفة. وما روي عن أبي يوسف: أن ما لا يخلص كالجاري لا ينجس إلا بظهور النجاسة فيه هو المختار عندي، وأرى قول محمد مثله.
قال محمد في كتاب الآثار: أخبرنا أبو حنيفة: قال: حدثنا الهيثم بن أبي الهيثم عن ابن عباس: قال: "أربعة لا ينجسها شيء: (الجسد والثوب والماء والأرض) (٣) ".
_________
(١) هو: محمد بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن عبد المجيد بن إسماعيل، أبوالفضل، الحاكم، الشهيد، الشهير بالحاكم المروزي السلمي. جمع وصنف الكثير، ومن ذلك:"المختصر الكافي": جمع فيه كتب محمد بن الحسن المبسوطة، وما في جوامعه المؤلفة. قال الحاكم أبو عبدالله: ما رأيت في جملة من كتبت عنهم من أصحاب أبي حنيفة أحفظ للحديث، وأهدى إلى رسومه، وأفهم له منه. وقُتِل شهيدا وهو في صلاة الصبح، في ربيع الأول، سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وترجمته في: الجواهر المضية (٢/ ١١٣)، وتاج التراجم (ص/٢٧٢).
(٢) هو نوح ابن أبي مريم واسمه يزيد بن جعونة الجامع المروزي قيل إنما لقب به لأنه أول من جمع فقه أبي حنيفة، وقيل لأنه كان جامعا بين العلوم كان له أربعة مجالس مجلس الأثر ومجلس لأقاويل أبي حنيفة ومجلس النحو ومجلس الأشعار، أخذ الفقه عن أبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وروى الحديث عن الزهري وغيره، مات سنة ثلاث وسبعين ومائة كان على قضاء مرو، وكذبوه في الحديث، وترجمته في: الجواهر المضية (٢/ ٢٥٨)، والمجروحين لابن حبان (٣/ ٤٨)، وتهذيب الكمال (٣٠/ ٥٦).
(٣) إسناده ضعيف والأثر حسن لغيره – الهيثم لم يدرك ابن عباس، فلإسناد منقطع، ولكنه لم ينفرد به فقد تابعه الشعبي وحبيب بن أبي ثابت.
وورد عن الشعبي من طريقين: الأول عن زكريا بن أبي زائدة عند الدارقطني في سننه، والبيهقي في الكبرى، وفي معرفة السنن والآثار، وزكريا ثقة إلا أنه كان يدلس عن شيخه العبي كما قال أبو زرعة.
والثاني: عن جابر الجعفي عند الطبري في تهذيب الآثار، وجابر ضعيف رافضي، والراوي عنه شريك القاضي: صدوق يخطئ كثيرا.
وأما طريق حبيب بن أبي ثابت فهو عند الطبري في "تهذيب الآثار" بإسناد صحيح إلا أن حبيب كان كثير التدليس والإرسال وقد عنعنه، والأثر يتقوى من هذه الطرق.
1 / 35