(ق٩/ ب) غلب على ظننا، فإنه لا يجوز الوضوء قليلًا كان أو كثيرًا جاريًا كان أو راكدًا، وإنما اعتبر غلبة الظن لا (١) تجري مجرى اليقين في وجوب العمل (٢) كما لو أخبر واحد بنجاسة الماء وجب العمل
به، وإن لم يقدر [على] (٣) اليقين. وتقدمت عبارة الرازي بهذا. قال: الكرماني: "فأما الماء إذا كان كثيرا لا يخلص بعضه إلى بعض إذا وقعت النجاسة في طرف منه جاز أن يتوضأ من الجانب الآخر.
وروي عن أبي يوسف أنه قال في الماء الجاري أنه لا ينجس إلا بظهور النجاسة فيه، واختلفت الروايات في تحديد الكثير، مراده أي عند أبي حنيفة ليكون له حكم القلتين عند الشافعي، بل المراد كثير يحتاج إلى النظر في خلوص النجاسة فيه، والحكم المصحح عنه مصرح (٤) واختلفت الروايات في تحديد الكثير والظاهر عند محمد أنه عشر في عشرٍ، والصحيح عند أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-
أنه لم يوقت في ذلك بشيء، وإنما هو موكول إلى غلبة الظن في خلوص النجاسة. وروي عن أبي يوسف أنه اعتبر الغدير بالماء الجاري، وقال: لا ينجس إلا بظهور النجاسة؛ لأن الضرورة تقتضي العفو عن ذلك.
_________
(١) كذا بالأصل، والصواب حذفها، وحتى تستقيم العبارة يمكن استبدالها بـ: "التي"، أو: "وهي"
(٢) قال الشيخ الزحيلي في "القواعد الفقهية" (١/ ١٠٨): "إن الأحكام الشرعية تبنى على الظاهر، وإن الوصول إلى اليقين يتعذر في كثير من الأحيان، لذلك جوَّز الشرع الاعتماد على الظن، واعتباره في الاجتهاد والعمل والتطبيق وقبول الأحكام.
ولكن الظن على درجات، وقد ترتقي درجة الظن بكثرة الأدلة والأمارات، فيسمى الظن الغالب الذي يقرب من اليقين، وقرر الفقهاء أن الظن الغالب ينزل منزلة اليقين، وأن اليقين لا يزول بالشك بل لا بدَّ من يقين مثله أو ظن غالب".
وقال أيضا: "ولكن هناك بعض المسائل لا يعتبر فيها الظن أو غلبة الظن، ولابد فيها من اليقين فمن ذلك: عقد النكاح على أختين، طلاق إحدى نسائه، الحبل ... ".
(٣) غير مذكورة بالأصل.
(٤) هكذا العبارة بالأصل.
1 / 34