بماء غيِّر (١) ولكراهة (٢) بتقدير كونها بما لا يغير". انتهى (٣)
قوله: "وكذا الأخبار مستفيضة في الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب". فيه أن الأمر بالغسل لا يلزم وأن يكون للنجاسة؛ (ق٦ / ب) لجواز أن يكون لمنع تعدى خبث الطبع.
قوله: وروي عن النبي ﷺ أنه قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من نجاسة (٤) من غير فصل دائم ودائم ... الخ يقال عليه: انظر هل أنت من أكبر مخالفي هذا الحديث؛ حيث قلت أنت ومشايخك: أنه يتوضأ من الجانب الآخر في المرئيّة ويتوضأ من أي جانب كان في غير المرئية، كما إذا بال فيه إنسان أو اغتسل جنب. أم أنت من العاملين به؟! فإنه لا أعجب ممن يستدل بحديث هو أحد من خالفه. قوله: وعن ابن عباس وابن الزبير ﵄ أنهما أمرا في زنجي وقع في بئر زمزم بنزح الماء كله (٥)، ولم يظهر أثره في الماء. قوله: من قبل تفسد لا من الأثر المروي. قال الشافعي في "القديم": قد رويتم عن ابن عباس رفعه: "الماء لا ينجسه شيء" افتراء أن ابن عباس روي عن النبي ﷺ – خبرا وتركه إن كانت هذه رواية وتروون عنه أنه توضأ من غدير يدافع جيفة وتروون عنه "الماء لا ينجس"، فإن كان شيئًا من هذا صحيحًا فهو يدل على أنه لم ينزح زمزم للنجاسة، ولكن للتنظيف إن كان فعل، وزمزم للشرب، وقد يكون الدم ظهر على الماء حتى رأى فيه. انتهى
قوله: ولم ينكر عليهما أحد، فانعقد الإجماع من الصحابة على ما قلنا، وإذا كان من يرى أنها لا يتنجس يرى بجواز ذلك للتنظيف والتطيب كيف ينكره. قوله، وعرف بهذا الإجماع أن المراد مما رواه مالك هو الماء الكثير والجاري، فقال: فإذا كان المراد الكثير والجاري فكيف ساغ مخالفته في الجيفة الواقعة في الماء الجاري أو الكثير الراكد. قوله: وبه تبين أن ما رواه الشافعي غير ثابت؛ لكونه مخالفًا لإجماع الصحابة فيه ما تقدم. قوله: ولهذا رجع أصحابنا في التقدير إلى الدلائل الحسيّة.
_________
(١) كذا بالأصل، والصواب: "بما يُغَيِّرُ" والتصويب من فتح القدير.
(٢) كذا بالأصل، والصواب: " أو الكراهة" والتصويب من فتح القدير.
(٣) انظر فتح القدير (١/ ٧٨).
(٤) ونص عبارته السابقة: "من جنابة".
(٥) سبق تخريجه.
1 / 26