أنه قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده" (١)، ولو كان الماء لا ينجس بالغمس لم يكن للنهي والاحتياط توهم النجاسة معني، وكذا الأخبار مستفيضة في الأمر (ق٤/ ب) بغسل [الإناء] (٢) من ولوغ الكلب مع أنه لا يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "لايبول أحدكم في الماء الراكد، ولا يغتسل فيه من جنابة" (٣) من غير فصل بين بين دائم ودائم، وهذا نهي عن تنجس الماء؛ لأن البول والاغتسال في ما لا ينجسه لكثرته ليس بنهي، فدل على كون الماء الدائم مطلقًا محتملا النجاسة لاحتمام النجاسة (٤)؛ إذا النهي عن تنجس ما لا يحتمل النجاسة ضرب من السفة، وكذا الماء الذي يمكن الاغتسال فيه يكون أكثر من قلتين، والبول والاغتسال فيه لا يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه.
وعن ابن عباس وابن الزبير ﵄ أنهما أمرا في زنجي وقع في بئر زمزم ينزح
_________
(١) صحيح: البخاري، ومسلم، وغيرهما من طرق عن أبي هريرة ﵁ – به إلا أن البخاري لم يذكر العدد.
(٢) زيادة من البدائع.
(٣) غير محفوظ بهذا اللفظ - أخرجه أبو داود، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن حبان والبيهقي وغيرهم من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ﵁ بنحوه، ورواه أبو عبيد في "الطهور"، والطحاوي في "معني الآثار" من طريق ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ بنحوه، وهذا الحديث بهذا اللفظ غير محفوظ، فإسناده وإن كان جيدا ومحمد بن عجلان صدوقا إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وقد خالف جماعة من الحفاظ من أصحاب أبي هريرة في سياقه للحديث ومنهم: همام بن منبه، محمد بن سيرين، وعبدالرحمن بن هرمز الأعرج، وحميد بن عبدالرحمن الحميري، في لفظه ولفظه عندهم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه) متفق عليه وهذا لفظ ابن هرمز عند البخاري. والنهي في هذا الحديث أخص من حديث الباب، والكلام ليس في ثبوت النهي عن البول في الماء الدائم بمفرده، أو الاغتسال فيه من الجنابة بمفرده، وإنما الكلام على جمع الحدثين في حديث واحد على نحو الرواية المذكورة وانفراد ابن عجلان بها ومخالفته الثقات فيه يدل على أنه لم يحفظه كما قال البيهقي.
(٤) قوله: " لاحتمام النجاسة" غير موجود بالبدائع، والأولى حذفه.
1 / 21