نفسي منه شيئًا وإن كان له طول ولا عرض له، فالأصح أنه لو كان بحال لو ضم طوله إلى عرضه يصير عشرًا في عشرٍ فهو (١) (ق٢/ أ) كثير، والمختار في العمق ما لا ينحسر أسفله بالغرف (٢)، ثم إذا كانت النجاسة مرئيَّة (٣) لا يتوضأ من موضع الوقوع المتيقن بالنجاسة برؤية عينها، وإن كانت غير مرئية فلو توضأ منها جاز لعدم التيقن بالنجاسة؛ لاحتمال انتقالها، ومنهم من قال: لا يجوز أيضًا؛ لأن الظاهر بقاؤها في الحال" (٤). انتهى
فذكرت له ما في هذا من الفساد فأجاب بأن هذا رجل متقدم مصنف، فاختصرت الكلام عند ظهور المقام، ثم سألني من تتعين إجابته أن أكتب له ما صدر مني في بيان فساد الكلام المتقدم، وما لي في المسألة من تحقيق، وما كنت ذكرت له من مسألة الماء المستعمل، وقلت مستعينًا بالله ﷾ إنه حسبي ونعم الوكيل:
قوله: "والكثير لا" باطل بإجماع الأمة (٥) على الماء الكثير إن تغير بنجس ينجس.
_________
(١) وبعض هذه العبارة مكرر في الأصل.
(٢) أي لا ينكشف بالاغتراف باليد؛ لأنه إذا انحسر ينقطع الماء بعضه عن بعض ويصير الماء في مكانين فتخلص إليه النجاسة، قال ابن نجيم في "البحر الرائق" (١/ ٨١): "حتى لو انكشف ثم اتصل بعد ذلك لا يتوضأ منه".
(٣) كجيفة ميتة ونحوها.
(٤) انظر الاختيار (١/ ١٤ – ١٥).
(٥) والإجماع نقله ابن المنذر حيث قال في "الإجماع" (ص: ٣٥): (وأجمعوا على أن الماء القليل، والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت للماء طعما، أو لونا، أو ريحًا: أنه نجس ما دام كذلك). وقال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص/١٧): (واتفقوا أن الماء الراكد إذا كان من الكثرة بحيث إذا حرك وسطه لم يتحرك طرفاه ولا شيء منهما فانه لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته).
1 / 15