رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله - ضمن «آثار المعلمي»

عبد الرحمن المعلمي اليماني ت. 1386 هجري
158

رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله - ضمن «آثار المعلمي»

محقق

عثمان بن معلم محمود بن شيخ علي

الناشر

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٤ هـ

تصانيف

عرفوه منهما. ومن جهةٍ أخرى فعدلُ الله ﷿ ورحمته يقتضي أن يكافئ كلًّا بما يستحقُّه، فلذلك خلق الله ﷿ الجنَّة والنار، وذكر من وصفهما لعباده ما يناسب أفهامَهُمْ حتى يدركوا أن في الجنَّة غاية اللَّذَّة، وفي النار غاية الألم. ولما كانوا على كلِّ حالٍ لا بدَّ أن يختلفوا كما تقدَّم، وإذا اختلفوا استحقَّ بعضهم الجنَّة، وبعضهم النار، وقد أحاط علمُ الله ﷿ وقَضَاؤُه وقَدَرُه بتفصيل ذلك قبل خَلْقِهِمْ، صَحَّ أن يقال: إن الله ﷿ خلق هؤلاء سعداءَ للجنَّة، وهؤلاء أشقياءَ للنار، كما جاء في أحاديث. فقد عَلِمْتَ بحمد الله ﷿ أنه لا منافاة بين العقل الصريح والنقل الصحيح، ولا بين النصوص، فالله ﷿ خلق الخلق ليَكْمُلُوا، وكمالهم في عبادته، فقد خلقهم لعبادته، ولا يكون الكمالُ والعبادةُ إلا بطريق الابتلاء، فقد خلقهم لِيَبْلُوَهُمْ، والابتلاء يؤدِّي إلى الاختلاف ولا بدَّ، فقد خلقهم ليختلفوا، والاختلاف يقتضي مصير هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار، فقد خلق هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار. فصلٌ وإذ قد علمتَ هذا فنبني الجواب على الابتلاء، فنقول: إن الله ﷿ إنما أنشأ الناس هذه النشأة للابتلاء، كما قال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢]. وإذ كانت للابتلاء فالأمر فيها كالخلق لا بُدَّ أن يكون مناسبًا للابتلاء، وذلك بأن تكون حُجَجُ الحق دون منالها عناءٌ ومشقَّةٌ، وكيف لا وطَلَبُهَا من جملة العبادة، والعبادة كما تقدَّم تستدعي العناءَ

2 / 64