رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عثمان بن معلم محمود بن شيخ علي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
قول النبيِّ ﵌: "فهلَّا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا" ليس المراد منه: آمن قلبه أم لا، بل المراد ــ والله أعلم ــ: آلتزم الإسلام بقلبه كما التزمه بلسانه أم لا؟ لأنَّ حرمة القتل لا تتوقَّف على الإيمان بالقلب كما سمعت.
وقال الله ﷿: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦].
[ب ٧] استثناؤه مَن أُكرِه وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان يدلُّ أن المستثنى منه وهو قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ﴾ يعمُّ مَن تظاهر بالكفر وإن لم يكفر قلبه، وإنما استثنى مَن تظاهر بالكفر مكرهًا. وعلى هذا فقوله: ﴿مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾ يعمُّ مَن تظاهر به مختارًا غير مكرهٍ وإن لم يكفر بقلبه؛ فإن تظاهره بالكفر مختارًا كافٍ في شرح الصدر بالكفر، وذلك أنه بتظاهره بالكفر قد نقض التزامه. وظاهر الآية أن المكرَه إذا كفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان قد كفر بعد إيمانه، ولكن لما كان معذورًا وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان عذره الله تعالى، فالعذر مبنيٌّ على الأمرين معًا: الإكراه، واطمئنان القلب بالإيمان، فلا يكفي أحدهما، والله أعلم.
[١٠] ويشهد لهذا قول الله ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ
2 / 16