فقالت وهي تلهث، وقد ارتعش جفناها فوق دمعة حارة: لن تذل .. ولن تهزم.
وأسندت رأسها إلى صدره، واستنامت إلى خفقان قلبه. وأحست في غيبوبتها بأنامله تعبث بخصلات شعرها وخديها، ولكنها لم تطمئن طويلا؛ فقد أزعجها خاطر من الخواطر التي كدرت يومها، فرفعت إليه رأسها، ونظرت إليه بعينين قلقتين، فقال لها: ما لك؟
فقالت بعد تردد: يقولون إنهم فئة قوية، ذات سلطان على قلوب الناس وعقولهم.
فابتسم قائلا: ولكني الأقوى.
فترددت هنيهة ثم قالت: لماذا لا تعبئ جيشا قويا يأتمر بأمرك؟
فابتسم الملك، وسألها: أرى الوساوس تعاودك.
فتنهدت في غيظ، وقالت: ألم يبلغ أذني أن الناس تهمس فيما بينها بأن فرعون يأخذ أموال الآلهة وينفقها على راقصة؟ همس الناس إذا تجمع صار صراخا .. إنه كالشر يندلع لهيبا. - يا لك من متطيرة متشائمة!
فعادت تسأله بإلحاف: لماذا لا تدعو الجنود؟
فنظر إليها نظرة طويلة، وقد بدا عليه التفكير، ثم قال: إن الجنود لا تدعى بغير سبب.
وبدا على وجهه الغضب، فاستدرك: إنهم يضللون الأفكار، ويشعرون بغضبي عليهم، فإذا أمرت بالتجنيد لحقهم الذعر، وربما هبوا يائسين للدفاع عن أنفسهم.
صفحة غير معروفة