وهي عند الفريقين أيضا حقيقة غير مركبة، أخذت من الحقيقتين.
يعنون بالحقيقتين: حقيقة الإله جل اسمه، وإنسانية عيسى عليه السلام.
ثم وقع الاتفاق منهما على أن كل حقيقة باقية على جميع أوصافها من غير اختلاط ولا امتزاج، بل كل منهما حافظة ذاتها من حيث هي كذلك.
والمسيح الذي هو «1» أقنوم لحقيقة الإله فقط، فقط صرحوا بصلبه، فيلزم أيضا للفريق الثاني/ ما لزم الأول.
أما الأول: فقد مضى القول فيه مبينا.
وأما الثاني: فلأنهم مصرحون بأن المسيح عليه السلام أقنوم لحقيقة الإله فقط، ومعتقدون بأن حقيقته غير مركبة، ليس بينها وبين حقيقة الإنسان اختلاط ولا امتزاج، وقد حكموا مع ذلك بصلبه، فيلزم أن يكون المصلوب هو الإله.
فإن قيل: إن الفرقين كل منهما قائل بالاتحاد، فلم لا يعود الصلب إلى «2» المتحد به؟
فنقول: هذه الدعوى لا يقدرون على تحقيقها البتة.
أما القدماء، فلأن المتحد به لا وجود له إلا في الذهن ولأن/ حقيقة المسيح عندهم غير مركبة.
وأما المتأخرون، فبمثل هذا المقالة أيضا يقولون، وأما الاتحاد عندهم بإنسان جزئي، فحاصله يرجع إلى نسبة.
والعجب من إطلاقهم الصلب على المسيح الذي هو أقنوم لحقيقة الإله فقط، ثم يعترفون بأن الاتحاد غير معقول الحقيقة.
وكيف يستجيز العاقل أن يطلق الصلب على المسيح الذي هو أقنوم لحقيقة الإله فقط، ويصرح بجهله بحقيقة الاتحاد الذي ينبني على العلم به رد الألم إلى الإنسان وصرفه عن الإله جل اسمه؟!
وأعجب من ذلك ركونه/ إلى ما لا يعلم حقيقته، وله عن هذه الجهالة مندوحة «3» ظاهرة!
صفحة ٦٤