رسالة في رد الاعتراضات على كتاب الفصول
تصانيف
الجواب: أن مراد أبقراط يبالأغذية الرطبة هاهنا التي لها قوام رقيق كرطوبة الماء ليسهل انحدارها عن المعدة والاغتذاء بها، وهذه قد تكون مركبة كماء الشعير وقد تكون مجففة كالخل؟ وماء العسل بالافادية؟ وبهذا يندفع الشكان الآخران وهذا مثل قوله لأن بملأ؟ الهدن؟ من الشراب أسهل من PageVW2P132A أن يملأ من الطعام وأراد به الأشياء الرطبة الغاذية لا مسمى الشراب. وأما جواب الشك الأول وهو إطلاقه القول ينفع الغذاء في جميع المحمومين بعد أن يقدم منعه فيمن ذكرنها فجوابه أن الذي فسر التدبير البالغ في اللطافة في الأمراض الحادة هي الغاية القصوى جالينوس فإنه حمل هذا التدبير على ترك الغذاء بالكلية ومتى حمل على ذلك أقضى إلى المنع من استعمال شيء أصلا فيهم؟ ترك الغذاء بالكلية على الغذاء المطلق بقي العذاء الدواتي؟ وهو جائز الاستعمال فيهم إذ الأدوية المطلقة لا يجوز استعمالها فيهم فقط لتحلل أبدانهم بالحمى، ولذلك يجوز استعمال الغذاء في جميع المحمومين.
13
[aphorism]
قال أبقراط: أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف والخريف وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء ثم من بعده في الربيع.
[commentary]
الشك: ينبغي أن يكون الخريف كالربيع في متوسطة بين الفصلين المتضادين وأن يكون حكمه كحكمه في احتمال الأبدان للطعام ولعل الخريف في ذلك أحمد من الربيع، فإنه يأتي على الأبدان وهي متخلخلة وحرارتها منتشرة بحر الصيف فيشدها ويجمع حرارتها إلى الباطن ببرده فيقوي البدن والهضم، وبذلك يسهل احتمال البدن للطعام فيه وما حكم الخريف في هذه الحال الأحكم ريح الشمال. وأما الربيع فبخلاف ذلك أجمع، وذلك أنه يرخي الأبدان بعد الاشتداد؟ وينشر حرارتها والفضلات التي فيها بعد الاجتماع وما حكمه في ذلك الأحكم ريح الجنوب التي هي أردأ على الأبدان من ريح الشمال. فإن قيل إن رداءة الخريف بالفصل المتقدم لأنه تخلخل الأبدان ويضعف حرارتها. قلنا: فيكون المردي؟ هذا الفصل المتقدم لا هذا. أما هو فيصلح جميع ذلك. الثاني أن حر الصيف كالخريف فلا ينسلخ إلا وقد صار الوقت خريفا ولا يدخل الخريف إلا وقد بطل تأثير الصيف ثم ولو قيل إن أوائل الخريف صيفية لما لزم أن يكون وسطه؟ وآخره كذلك بل وسطه يكون مستويا إلى آخره فلا يكون جميعه مقتضيا لصعوبة احتمال الطعام على الأبدان.
[commentary]
الجواب: أما الخريف فلا شك أنه يجب أن يكون كالربيع لاشتراك الفصلين في التوسط بين الفصلين المتضادين لكنه ينفصل عن الربيع بأنه يدخل على الأبدان وقواها الطبيعية موهونة وحرارتها الغريزية ناقصة بإلحاح؟ التحلل على الأبدان في الصيف ودواء على تلك الحال في الخريف إلا أنه أقل لأن برد الخريف لقصوره بضعف عن إزالة ما استفادته الأبدان من تأثير حر الصيف في مدة طويلة ولمكان اليبوسة الحادثة للأبدان واستحفاظها PageVW2P132B بالحرارة التي قبلها من حر الصيف فلا ينفعل عن ذلك البرد الضعيف بسهوله ولا في مدة قصيرة، وكذلك حال الهواء فيه ولذلك يختلف أوقاته لعدم سراية البرد في جملته واستواية فيه فيصير مرة حرا ويشتد؟ في أوقات لما خلفها لصيف فيه من ينسه ومرة بردا بمقتضي حال الانقلاب الخريفي ولا يشتد؟ إلى آخره. وأما الربيع فيدخل على الأبدان وقواها الطبيعية قوية وحرارتها الغريزية محفوظة مجموعة تامة بتأثير البرد الشتوي واستمرار تأثيره فيها هذه ممن؟ الربيع فينفعل عنه فيه كانفعالها في الشتاء وإن ضعفت فيه لاستعداد الأبدان PageVW0P014A بما استحفظته من البرد الشتوي وبذلك يقام حره الضعيف ثم يعتدل في وسطه فيصير حالها في ذلك دون حالها في أوله وما قبله إلا أنها وإن لم يكن في حكم تأثير الشتاء فإنها بالقرب منه ولا ينقص عنه كثيرا إلى آخره فيقرب الربيع من حكم الصيف ويتم اعتدال الأبدان، فتبين إذن وجه قرب حكم الخريف من حكم الصيف وقرب حكم الربيع من حكم الشتاء، وثبت أن حال الأبدان في الخريف كحالها في الصيف وحالها في الربيع كحالها في الشتاء، وبذلك تبين صحة كلام الفاضل أبقراط في هذا الفصل.
14
[aphorism]
صفحة غير معروفة