قال: ومقدس وإنما مقدس مفعل ومعناه فمبرك، فمن يبركه وهو عنده يبرك ولا يبرك، وليس معه إلا عدوه، الذي لا سو إلا سوه، فنفسه تبركه، فقد كان إذا ولا بركة له. فسبحان الله ما أفحش خطاهم! وأبين جهلهم وعماهم !!
فإن قال قائل منهم فبهذا فقد قلتم، وقد يدخل لهم عليكم ما أدخلتم!!
قلنا أما مسبح فنقولها، وأما مقدس فأنت تقولها، ونحن لا من طريق ما كفرت، فقد نقولها في النور الذي ذكرت، لأن الله تبارك وتعالى بارك فيه، وفطره من البركة على ما فطره عليه، فينفع بقدره، في بعض أمره، فدل بذلك على بركته، وإحسان ولي فطرته، ولكنا نقول في الله: الملك القدوس كما قال، إذ كان كل شيء فبقدسه نال من قدس البركة ما نال .
ومسبح فقد نقولها، إذ نجدها له ونعقلها، من كل ما هو سواه مفطورا، ظلمة كان ذلك أو نورا، فأما هذيان التعبث، وقول التناقض والتنكث، فهو بحمد الله مالا نقول، مما لا يقارب قول أهل العقول، فأما قوله: الذي من جهله لم يعرف شيئا غيره، فافهموا فيه هذيانه وهذره، فلعمر أبيه، ولعمر مغويه، لقد يعرف - الطب والصناعات، وأنواع ما تفرق فيه الناس من البياعات - من لا يعرف نوره، ولا يتوهم أموره، يعرف ذلك يقينا من نفسه ابن المقفع، ويرى منه بيانا بكل مرأى ومسمع، كم ترون من طبيب طلب منه ابن المقفع الدواء ؟! أو موصل من العوام أوصل إليه سراء أو ضراء ؟! توقن نفسه أن طبيبه يداويه، وأنه لا ينجع فيه بغير يقين تداويه.
وكذلك من أوصل إلى ابن المقفع ضرآءه فقد يعلم أنها غير سرآئه، أو أوصل إليه سرآءه فقد يوقن بتا أنها غير ضرآئه، وهذا من تكذيبه فيما قال فأتم موجود، كثير بين الناس في كل ساعة معهود، لا يشك في يقينه أهل الطب والصنائع، ولا العآمة فيما تدبر من المضآر بينها والمنافع، وكلهم لا يوقن بشيء مما زعم في نوره، بل يزعم أن الجهل في كل ما هو عليه من أموره .
صفحة ١٤٣