الرد على الزنادقة والجهمية

أحمد بن حنبل ت. 241 هجري
84

الرد على الزنادقة والجهمية

محقق

صبري بن سلامة شاهين

الناشر

دار الثبات للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

أما قوله: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: ١٢٤] عن حجته، وقال: ﴿رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى﴾ عن حجتي ﴿وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا﴾ بها مخاصمًا بها، فذلك قوله: ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ﴾ [القصص: ٦٦] . يقول: الحجج ﴿فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [القصص: ٦٦]، وأما قوله: ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ . وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره، شخص بصره، ولا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فذلك قوله: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: ٢٢] . يقول: غطاء الآخرة. فبصرك يحد النظر، لا يطرف حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة١.

= وقال أيضًا ﵀: قوله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: ١٢٤] . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من أعرض عن ذكره يحشره يوم القيمة في حال كونه أعمى، وأن المراد بقوله: أعمى، أي أعمى البصر لا يرى شيئًا. والقرينة المذكورة هي قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا﴾ [طه: ١٢٥] فصرَّح بأن عَمَاه هو العمى المقابل للبصر، وهو بصر العين؛ لأن الكافر كان في الدنيا أعمى القلب، كما دلت على ذلك آيات كثيرة من كتاب الله. انظر: أضواء البيان "٤١٣/٤، ٤١٤" "٢٧٦/٦، ٢٧٧". ١ انظر: تفسير الطبري "٢٢٨/١٦" "١٦٣/٢٦" وتفسير ابن كثير "١٧٩/٣" "٢٤١/٤".

شك الزنادقة في قوله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ ... وأما قوله لموسى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦] . وقوله في موضع آخر: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء: ١٥] .

1 / 91