فهو من الله تعالى على يد القطب صاحب الوقت يعطي الزائر من المدد على قدر مقام المزور محمول على أنه قال ذلك قبل أن يعلمه الله بإلهام أن الولي يتصرف بعد الموت وبهذا حصل التوفيق بين كلامه * (خاتمة) * من جملة الكرامات الإخبار ببعض المغيبات والكشف وهو درجات تخرج عن حد الحصر وذلك موجود الآن بكثرة ولا يعارضه قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول لأنا لا نسلم عموم الغيب فيجوز أن يخص بحال القيامة بقرينة السياق والمراد سلب العموم نحو لم يقسم كل إنسان لا عموم السلب نحو كل إنسان لم يقم ولا يعارضه أيضا قوله تعالى قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ووجه عدم المعارضة أن علم الأولياء إنما هو بإعلام الله لهم وعلمنا بذلك إنما هو بإعلامهم لنا وهذا غير علم الله الذي تفرد به وهو صفة من صفاته القديمة الأزلية الدائمة المنزهة عن التغيير وسمات الحدوث والنقص والمشاركة والانقسام بل هو علم واحد علم به جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها كان أو ما يكون أو ما جاز أن يكون ليس بضروري ولا كسبي ولا حادث بخلاف علم سائر الخلق فعلم الله الذي تمدح به وأخبر في الآيتين المذكورتين أنه لا يشاركه فيه أحد واحد فلا يعلم الغيب إلا هو ومن سواه إن علموا جزئيات منه فبإعلام الله واطلاعه لهم وحينئذ لا يطلق أنهم يعلمون الغيب إذ لا صفة لفهم يقتدرون بها على الاستقلال بعلمه وأيضا هم ما علموا وإنما أعلموا وأيضا هم ما علموا غيبا مطلقا لأن من أعلم بشئ منه تشاركه فيه الملائكة أو نظراؤه ممن اطلع ثم إعلام الله للأولياء ببعض المغيبات لا يستلزم محالا بوجه فإنكار وقوعه عناد ومن البداهة أنه لا يؤدى إلى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي تمدح به واتصف به في الأزل وفيما لا يزال وإذا كان كذلك فلا بدع في أن الله تعالى يطلع بعض أوليائه على بعض المغيبات فإن ذلك أمر ممكن جائز عقلا وشرعا وواقع نقلا عن جمهور أهل السنة والجماعة من الفقهاء
صفحة ١٥