الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق
محقق
عبد الله بن محمد المزروع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأرلى لدار ابن حزم)
تصانيف
حلفَ بملة غير الإسلام فهو كما قال» (^١)، والصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين يسمون هذه أيمانًا.
وأما تحليف الولاة أو غيرهم بها؛ فلا ريب أنَّ الصحابة لم يكونوا يحلِّفونَ أحدًا بطلاق ولا عتاق ولا ظهار ولا حرام ولا نذر مثل: الحلف بالمشي إلى مكة وصدقة المال وغير ذلك من الأيمان التي أحدث الحجاج ومن بعده تحليف الناس بها في البيعة، بل أحدث بعض قضاة الحنفية تحليفَ الناس أيمانَ الحكمِ بالطلاقِ مع أنَّ هذه بدعةٌ لم تُعْرَف عن أحد من السلف ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، وذكر ابن عبد البر إجماعَ العلماء على أنه ليس للحاكم أن يحلف الناس إلا باسم الله (^٢).
بل النبي ﷺ وخلفاؤه الراشدون لم يكونوا عند المبايعة يَحلِفون يمينًا أصلًا، بل كانت المبايعة عقدًا (^٣) من العقود، فيقال: بايعناك على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأَثَرَةٍ علينا، وأن لا نُنَازعَ الأمرَ أهله. أو يقول: أو نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم (^٤)، أو بايعناك على
(^١) أخرجه البخاري (١٣٦٣) من حديث ثابت بن الضحاك ﵁ ولفظه: «من حلف بملةٍ غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال ...». (^٢) الاستذكار (١٥/ ٩٥) قال: (لا ينبغي لأحدٍ أَنْ يَحلف بغير الله ... لإجماع العلماء أنَّ مَنْ وجبَ له يمينٌ على آخر في حَقٍّ قِبَلَهُ أنه لا يَحلف له إلا بالله، ولو حلفَ له بالنجم والسماء والطارق وقال: نويتُ ربَّ ذلك= لم يكن يمينًا عندهم). (^٣) في الأصل: (عقدٌ)، والجادة ما هو مثبت. (^٤) أخرجه البخاري (٧١٩٩)، ومسلم (١٧٠٩) من حديث عبادة بن الصامت ﵁.
1 / 43