والسنة ذَكَر الله تعالى خاليًا، ففاضت عيناه من خشية الله تعالى، إلا لم تمسّه النارُ أبدًا، وإن اقتصادًا (^١) في سبيلٍ وسنةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في خلافِ سبيلٍ وسنة، فاحرصوا أن تكون أعمالكم ــ إن كانت اقتصادًا أو اجتهادًا ــ على منهاج الأنبياء وسنّتهم» (^٢).
ولهذا لا يوجد أحدٌ خرج في العبادات عن الطريق الشرعية إلا أوجب ذلك له أحوالًا فاسدة بحسب خروجه، فإن الأحوال النفسانية والشيطانية نتيجة الخروج عن متابعة الرسل، كما أن الأحوال الرحمانية نتيجة اتباعهم.
ومن هذا الباب يصير من يصير من أرباب الأحوال الشيطانية معاونًا للكفار من المشركين وأهل الكتاب، كالخفير لهم بباطنه وتوجيهه، فإن ذلك نتيجة عباداته البدعية، كمن كسب مالًا خبيثًا فأنفقه في الظلم والفواحش.
والأحوال نتائج الأعمال، والرجل العابد قد لا يكون له معرفة بالأذكار والدعوات الضارة والنافعة، حتى إن بعض مَن صنّف في الدعوات ضمَّن ذلك دعوة الكواكب، فجَعَل الإشراك بالله تعالى من جملة العبادات، والآخر صنّف حِزبًا ضمَّنه دعوة الجنّ والشياطين!
وهذا وغيره رأيتُه بالديار المصرية، ورأيتُ من هذا الفنّ عجائب! وأصل ذلك الخروج عن الكتاب والسنة، فمتى خرج الناس عن ذلك تفرّقت بهم السُّبُل، كما في حديث عبد الله بن مسعود ﵁ قال: خطّ لنا رسول
_________
(^١) النسخة: «اقتصاد»، والوجه ما أثبت.
(^٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٨٧)، ومن طريقه اللالكائي: (١/ ٥٩)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (٢٦١).
1 / 17