الأنوار ، وإنه سبحانه حبة مسدسة المقدار ، وإنه يعلم بالحركات ويعقل ، وتحف به الأماكن وينتقل ، وتبدو له البدوات ، وتخلو منه السماوات. لأنهم يزعمون أنه على العرش دون ما سواه ، وأنه لا يبصر ما حجبت (1) عنه الحجب ولا يراه ، ويدنو لما يدنو له من الأشياء المشاهدة ، وينأى عما نأى عنه بالمباعدة ، فما نأى عنه فليس له شهيد ، وما قرب منها إليه فهو منه غير بعيد.
والله سبحانه يقول فيما وصف نفسه لعباده ، وما تعرف إليهم به من الصفات في كتابه : ( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد (6)) [المجادلة : 6]. وقال سبحانه : ( إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ) [الحج : 17]. وقال سبحانه : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (16)) [ق : 16]. وقال سبحانه : ( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3)) [الأنعام: 3]. أفما في هذا بيان قاتلهم الله أنى يؤفكون!!
وروى الكشي بسنده عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : (أما كان لكم في أبي الحسن عظة؟ ما ترى حال هشام بن الحكم فهو الذي صنع بأبي الحسن ما صنع ، وقال لهم وأخبرهم ، أترى الله أن يغفر له ما ركب منا؟!). رجال الكشي / 278 ، تنقيح المقال 3 / 298.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : (هشام بن الحكم أبو محمد الشيباني من أهل الكوفة ، سكن بغداد وكان من كبار الرافضة ومشاهيرهم ، وكان مجسما يزعم أن ربه طوله سعة أشبار بشبر نفسه ، ويزعم أن علم الله محدث ، ذكر ذلك ابن حزم. وقال ابن قتيبة في مختلف الحديث : كان من الغلاة ، ويقول بالجبر الشديد ، ويبالغ في ذلك ، ويجوز المحال الذي لا يتردد في بطلانه ذو عقل ...). لسان الميزان 6 / 194. الطويل ولا عرضا غير العريض. وقالك ليس ذهابه في جهة الطول أزيد على ذهابه في جهة العرض ، وزعم أيضا أنه نور ساطع يتلألأ كالسبيكة الصافية من الفضة ، وكاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ، وزعم أيضا أنه ذو لون وطعم ورائحة ومجسة ، وأن لونه هو طعمه ، وطعمه هو رائحته ، ورائحته هو مجسته ، ولم يثبت لونا وطعما هما غير نفسه ، بل زعم أنه هو اللون وهو الطعم. ثم قال : قد كان الله ولا مكان ، ثم خلق المكان بأن تحرك فحث مكانه بحركته فصار فيه ، ومكانه هو العرش. وحكى بعضهم عن هشام أنه قال في معبوده أنه سبعة أشبار بشبر نفسه). الفرق بين الفرق / 65 68.
صفحة ٥٢١