ومما يسأل عنه الرافضة إن شاء الله فيما يقولون به من الأوصياء ، أن يقال لهم : حدثونا عن النبي صلى الله عليه وآله ، أكان وصيا لمن كان قبله من الأنبياء؟
فإن قالوا : نعم. قد كان لمن قبله وصيا. كان أمرهم في المكابرة جليا ، ولم يخرجهم ذلك من كر المسألة إليهم ، وتوكيد الحجة بما في المكابرة عليهم.
فيقال لهم : حدثونا عن الوصي الذي أوصى إلى النبي عليه السلام بالوصية أمن أهل اللسان العربي؟ (1) كان؟ أم من أهل اللسان العجمي؟
فإن قالوا : إن من أوصى إليه ، صلوات الله ورضوانه [عليه] ، كان يومئذ وصيا عربيا ، زعموا أن الوصي حينئذ كان أميا ، لأن كل عربي كان حينئذ بغير شك أميا ، لأن الله لم ينزل عليهم يومئذ قرآنا ، ولم يفصل لهم حينئذ بوحي فرقانا ، ولم يكن يومئذ أحد من العرب رسولا نبيا ، يجوز أن يكون له أحد وصيا ، لأنه معلوم عند كل أحد من الأمم غير مجهول ، أنه لم يكن في العرب بعد عيسى صلى الله عليه رسول ، ولا مدع يومئذ وإن أبطل ، يدعي أن يكون نبيا قد أرسل.
فإن قالوا : فإن الوصي الذي أوصى إلى النبي صلى الله عليه كان أعجميا.
قيل : أو ليس قد كان يعلمه علمه وكان عليه السلام في علمه (2) به مقتديا؟!
فإذا قالوا : بلى. قيل (3) فإن الله تعالى يقول في ذلك بخلاف ما يقولونه ، ويخبر أنه لم يعلمه يومئذ بشر عربي ولا عجمي يعلمونه ولا يجهلونه ، قال الله سبحانه : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (103)) [النحل : 103]. فأخبر أن معلمه صلى الله عليه وآله غير أمي بأنه علمه بلسان عربي مبين. ولو كان الأمر كما تقول الرافضة في الإمامة والوصية ، لما خلا النبي عليه السلام فيما نسبت إلى عربية أو أعجمية ، من أن يكون قبل نبوته وبعثته ، وما وهبه الله بالرسالة من نعمته ، لم ير وصيا ولم يصل إليه ،
صفحة ٥٢٦