الرد على القائلين بوحدة الوجود

الملا علي القاري ت. 1014 هجري
39

الرد على القائلين بوحدة الوجود

محقق

علي رضا بن عبد الله بن علي رضا

الناشر

دار المأمون للتراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥هـ - ١٩٩٥م

مكان النشر

دمشق

فَإِن الطَّاعَة هِيَ مُوَافقَة الْأَمر الديني الشَّرْعِيّ لَا مُوَافقَة الْقدر والمشيئة وَلَو كَانَ مُوَافقَة الْقدر طَاعَة لَكَانَ إِبْلِيس من أعظم المطيعين وَالْحَاصِل أَن هَذَا لَيْسَ بِطَاعَة صدرت عَن إطاعة بل انقياد للعبودية واستسلام تَحت أَحْكَام الربوبية كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها وَإِلَيْهِ يرجعُونَ﴾ وزبدة الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام أَن العَبْد إِذا شهد عجز نَفسه ونفوذ الأقدار بِهِ وَكَمَال فقره إِلَى ربه وَعدم استغنائه عَن عصمته وَحفظه طرفَة عين كَانَ بِاللَّه فِي هَذِه الْحَال لَا بِنَفسِهِ فِي الْأَفْعَال فوقوع الذَّنب مِنْهُ حِينَئِذٍ كالمحال فَإِن عَلَيْهِ حصنا حصينا من مقَام (بِي يسمع وَبِي يبصر وَبِي يبطش وَبِي يمشي) فَإِذا حجب عَن هَذَا المشهد وَبَقِي بِنَفسِهِ استولى عَلَيْهِ حكم نَفسه فهناك نصبت عَلَيْهِ الشباك والأشراك وَأرْسلت عَلَيْهِ الصيادون فَإِذا انقشع عَنهُ ضباب ذَلِك الْوُجُود الطبيعي وَانْفَتح لَهُ بَاب الشُّهُود الشَّرْعِيّ بِحَضْرَة الندامة وَالتَّوْبَة والملامة والإنابة فَإِنَّهُ كَانَ فِي الْمعْصِيَة محجوبا بِنَفسِهِ عَن ربه فَلَمَّا فَارق ذَلِك الْوُجُود صَار فِي وجود آخر فَبَقيَ بربه لَا بِنَفسِهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي حَدِيث (لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ

1 / 51