ويقال لهم: أخبرونا عن قول الله تبارك وتعالى: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } [آل عمران: 97]، ما هو السبيل عندكم؟ فإن قالوا: هو أمان الطريق، وإمكان الزاد والراحلة، وصحة البدن. قيل لهم: أفرأيتم رجلا كثير المال، كثير الإبل، صحيح البدن، آمن الطريق جلس ولم يحج، وقال: لم يقض لي بالحج، ماذا تقولون له؟ أتقولون: إن فرض الله قد لزمه أو لم يلزمه؟ فإن قالوا: قد لزمه وعليه أن يحج؛ تركوا قولهم. وإن قالوا: لا يمكنه الحج حتى يقضى عليه به؛ ردوا كتاب الله ونقضوا قوله، وخالفوا كل الأمة.
ثم يسألون فيقال لهم: خبرونا عن قول الله تبارك وتعالى: { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } [المجادلة: 3 - 4 ]، أرأيتم من حنث في ظهاره، وكان مؤسرا كثير الرقيق صحيح البدن، قويا على الصيام، فقال لا أعتق رقبة ولا أصوم، ولكني أطعم؟ فقيل له: هذا لا يجوز لك؛ لأن الإطعام لمن لا يجد عتقا ولا يقوى على صيام. فقال أنا غير مستطيع لذلك؛ لأن الله لم يقض لي به، فلست أفعل إلا ما قضى الله لي به من الإطعام، ما تقولون له؟ فإن قالوا: نقول له: أطعم ولا تعتق ولا تصم، لأن الله لم يقدره عليك، ولم يقض لك به؛ ردوا كتاب الله وخالفوا رسوله. وإن قالوا: بل نقول له: هذا لا يجوز لك، وقد أوجب الله عليك العتق فأعتق؛ تركوا قولهم، ورجعوا إلى الحق.
صفحة ٣٠٠