ومما يسألون عنه قول الله سبحانه فيما يحكي عن أهل النار: { ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار } [الأعراف: 38]، أتقولون: إن الله سبحانه الذي أضلهم، وإن أهل النار ظلموا هؤلاء الذين ادعوا عليهم، وإن الله حكى باطلا من قولهم، وإنه مضل لهؤلاء المعذبين دون من ذكروا، أم تقولون كما قال الله سبحانه وحكى، إن الكافرين بعضهم أضل بعضا؟ فإن قالوا: بل الله أضلهم لا هؤلاء؛ كفروا، وردوا ما حكى الله من الحق. وإن قالوا: بل هؤلاء أضلوهم دون الله، فإن الله لم يضل عباده عن طاعته؛ صدقوا وآمنوا، ورجعوا إلى الحق.
ومما يسألون عنه قول الله سبحانه: { فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } [المائدة: 30]، فيقال لهم: خبرونا آلله سبحانه طوع له ذلك وقضاه عليه، أم نفسه كما قال الله؟ فإن قالوا: بل نفسه طوعت له ذلك، ولم يقضه الله عليه، ولم يدخله فيه؛ فقد أصابوا وتركوا قولهم، وما كانوا عليه من كفرهم. وإن قالوا بل الله طوع له ذلك بقضائه عليه وإشقائه له به؛ فقد خالفوا الله وكذبوه في قوله. والمجبرة تقول: إن الله طوع له ذلك، وقضى به عليه وأدخله فيه، ولولا أنه قضى بذلك عليه لم يفعله. والله يتبرأ عن ذلك ويخبر أن نفسه طوعت ذلك له، وأنه بريء من ذلك سبحانه.
صفحة ٣١٧