ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها } [الأحزاب: 69]، أفتقولون إن موسى عليه السلام كان بريئا مما قالوا به فيه، وكذبوا عليه سبحانه بأنه شهد لموسى بالبرآة، وقالوا هم ليس ببرئ، ومن شهد بالبرآة لغير برئ فهو فاسق غوي، والله عن شهادة الزور فمتعال علي. فإن قالوا: إن موسى عليه السلام بريء من ذلك، وإن الله صادق فيما شهد له به؛ آمنوا ورجعوا إلى الحق، وقالوا في الله بالصدق والعدل. وإن قالوا بل الله الذي قضى عليهم بأذية موسى عليه السلام؛ فقد زعموا أن الله المتولي أذية نبيه صلى الله عليه، وقضى عليهم بالقذف له، وفي هذا إبطال ما قال الله وشهد به عليهم، وبرأ نفسه ونبيه من هذا الفعل العظيم.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه فيما يحكي عن نبيه نوح صلى الله عليه إذ يقول: { أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } [يونس: 41]، أفتقولون: إن نبي الله صادق في قوله: (أعمل)، و(تعملون) فتوجبون له العمل. أم تقولون إنه ليس له في ذلك اختيار ولا عمل ولا لهم، وإن ذلك كله من الله دونهم، فإن قالوا: بل نقول عمله وعملهم، وإنه صادق في ذلك؛ فقد برأوا الله من أفعال العباد، ورجعوا إلى الحق. وإن قالوا: بل هو فعل الله لا فعله ولا فعلهم؛ فقد كفروا وكذبوا قول رسول الله صلى الله عليه.
صفحة ٣١٥