قول داروين: «إن الإنسان كان قردا»
ورأس القائلين بهذا القول «داروين» (¬1) وقد ألف كتابا في بيان: «أن الإنسان كان قردا» ... ثم عرض له التنقيح والتهذيب في صورته بالتدريج على تتالي القرون المتطاولة، وبتأثير الفواعل الطبيعية الخارجية، حتى ارتقى إلى برزخ «أوران أوتان» ، ثم ارتقى من تلك الصورة إلى أول مراتب الإنسان، فكان صنف اليميم (¬2) وسائر الزنوج، ومن هناك عرج بعض أفراده إلى أفق أعلى وأرفع من أفق الزنجيين، فكان الإنسان القوقاسي.
وعلى زعم «داروين» هذا يمكن أن يصير البرغوث فيلا بمرور القرون وكر الدهور، وأن ينقلب الفيل برغوثا كذلك.
فإن سئل «داروين» عن الأشجار القائمة على غابات الهند، والنباتات المتولدة فيها من أزمان بعيدة لايحددها التاريخ إلا ظنا، وأصولها تضرب في بقعة واحدة، وفروعها تذهب في هواء واحد، وعروقها تسقى بماء واحد، فما السبب في اختلاف كل منها عن الآخر في بنيته وشكل أوراقه، وطوله وقصره، وضخامته ورقته، وزهره وثمره، وطعمه ورائحته، وعمره؟ فأي فاعل خارجي أثر فيها، حتى خالف بينها مع وحدة المكان والماء والهواء؟ أظن [أن] لا سبيل إلى الجواب سوى العجز عنه..
وإن قيل له: هذه أسماك بحيرة «أورال» وبحر «كسين» مع تشاركها في المأكل والمشرب، وتسابقها في ميدان واحد، نرى فيها اختلافا نوعيا، وتباينا بعيدا في الألوان، والأشكال والأعمال، فما السبب في هذا التباين والتفاوت؟ لا أراه يلجأ في الجواب إلا إلى الحصر (¬3) ..
صفحة ٩