الفارسي ﵁ قال: خَطَبنا رسولُ الله ﷺ في آخر يومٍ من شعبان فقال: "يا أيُّها النَّاس: قد أظلَّكُم شهرٌ مباركٌ، شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، جعلَ الله صيَامه فريضةً، وقيامَ ليلهِ تطوُّعًا، من تَقَرَّب فيه بخَصْلَة من الخيرِ كانَ كمَّن أدَّى فريضةً فيمَا سِوَاه، ومن أدَّى فريضةً فيه كان كَمَن أدَّى سبعينَ فريضةً فيما سواه" الحديث (١) ذكره بطوله الحافظ السيوطي في تفسيره "الدر المنثور" (٢).
قلت: هذا أمرٌ آخر، فإنَّهم لا يُنكرون فَضْلَ صلاة رمضان، وبلوغ فرضه ثوابًا إلى سبعين فريضةٍ في غير رمضان، بل غرضهم إبْطال قول من يقول: إنَّ صلاة رمضان تعدل سبعينَ صلاة معادلةً حقيقيَّةً، وتقوم مقَامَها، وأنها مُجزيةٌ من سبعينَ صلاة، وإنَّما حكمُوا بكفر من اعتقد هذا، وترك الصَّلواتِ معْتَمِدًا على هذا، لا بكفر من اعتقد حصول زيادةِ الثواب، فإنَّه فَضْلُ العزيز الوهَّاب.
ولهذا قال عليٌّ القاري في "المِرقاة شرح المِشْكاة" (٣) عند المبحث
_________
(١) رواه العُقيلي ١: ٣٥ في ترجمة إياس بن إياس، وابن خُزَيمة في صحيحه ٣: ١٩١، ١٩٢، رقم (١٨٨٧)، والبيهقي في "شُعب الإِيمان" ٧: ٢١٥، ٢١٧ رقم (٣٣٣٦)، من طريق علي بن زيد بن جُدْعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جُدْعَان. ورواه الخطيب البغدادي ٣٣٣:٤ في ترجمة أحمد بن عمران الأخفش الألْهاني، وإسناده ضعيف لضعف إياس بن إياس.
وللشيخ أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري رسالة بعنوان: "البُرهان على تحسين حديث سلمان". اننهى فيها إلى أن الحديثَ حسنٌ.
(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي ٢: ١٨٤.
(٣) ٢: ١٨٩.
1 / 22