manicure ، فلذلك كذلك أجر.
وإياك أن تسقط من الموازنة بين نفقات المعيشة اليوم ونفقاتها بالأمس، إن تلك المخدورة في الدار طوال الأيام في غير حاجة إلى الاستكثار من الثياب ولا تعديد الألوان ولا الإغلاء في الأثمان، أما سيدة اليوم وفتاته فإن موجبات الأناقة، أو على التعبير العامي الشائع «الشياكة» لتقتضيها ألا تختلف عليها الأنظار وهي في ثوب واحد، بل لو استطاعت لاتخذت كل يوم من الثياب والأحذية جديدا، ولبست مستحدثا طريفا، بل إن من السيدات لمن تأنف أن تضع عليها من الثياب في الليل ما وضعت بالنهار.
والحاصل أنك إذا جمعت هذه النفقات الهائلة إلى الخسارة المالية الناشئة عن هجر السيدات للقيام بتدبير المنزل، ونفورهن من الاطلاع بشئون البيت، تجلى لك وجه العذر في إعراض الشبان عن الزواج في هذه الأيام، وكيف لهم بالمال الذي يكافئ هذه النفقات الجسام فوق ما تجشمهم تكاليف السكن ونفقات الطعام!
نعم، لقد أعرضت عن الزواج كثرة الشبان الذين يجرون على عرق من التثقيف والتهذيب؛ لأن عائداتهم - أو مواردهم بالتعبير الحديث - لا تفي بحاجاتهم الكثار الثقال في هذا الزمان، فإذا فكر أحدهم في تحصين نصف دينه اقترن هذا التفكير بالتماس الزوج ذات المال؛ لتعينه بمالها على شأنه وتضع عنه بعض حمله، فإذا لم يكن لها مال حاضر فحسبه غنى الأب أو الأم وإنهما إذا لم يعينا في الحاضر، ففي ميراث أحدهما أو كليهما عزاء وشد للمتن، وعون على موالاة السير في طريق هذه الحياة.
وإنني أعرف أن كثيرين من الشبان لم تطلب نفوسهم بتوثيق عقدة الزواج إلا بعد أن أخرج لهم الأحماء حجج أملاكهم، إن أطيانا زراعية وإن أبنية قائمة، فاطمأنوا إلى صحتها واستيفائها لشروط عقود الملكية، وربما مضى أحدهم في سر من أولياء الفتاة إلى المحكمة المختلطة، فاستخرج الشهادات العقارية الدالة على خلو الأعيان من كل رهن أو اختصاص أو امتياز، حتى يقبل مطمئن الضمير على الزواج.
ولكن! ... آه ولكن! ... ولكن من ذا الذي يضمن أن تقصر آجال هؤلاء الأصحاء، لتحق التعزية ويعجل المقدور بالرجاء؟ وما يدرينا لعل أعمارهم تطول وتطول، حتى يقيموا هم المناحات على البنات وأبناء البنات؟
إذن فينبغي أن يضاف إلى الاطمئنان على صحة عقود الملكية الاطمئنان إلى أن الرجل قد أسن وهرم، وتزاحفت عليه العلل من كل جانب؛ ليضمن العريس أن أيام حميه في الدنيا غير محدودة، وأن خطاه إلى الضريح أصبحت إن شاء الله معدودة !
وإني لأعرف رجلا واسع الغنى ذا وقار ودين، له بنت أوفت على غاية من الجمال والرشاقة وحسن الأدب، وقد أخذت بحظ من علوم العصر وفن تدبير المنزل، وأسرة هذا الرجل على استنارتها وقوة ثقافتها ما برحت تحافظ على جميع التقاليد التي تحرص عليها كل أسرة تشعر بالكرامة والاحترام في هذه البلاد.
ويتقدم شاب موظف في الحكومة لخطبة الفتاة وترضى الأم في سر من بعلها بإخراج أسانيد الملكية للخاطب، وأنت خبير بلهفة الأمهات على تزويج البنات، وبعد إجراء اللازم من فحص هذه المستندات ومراجعة دفاتر المحكمة المختلطة، والاطمئنان إلى أن الأعيان نظيفة لم يعلق بها شيء من الحقوق وحينئذ صرف عنان السعي إلى تفقد صحة حميه العزيز.
وأول ما بدا له من هذا أن يجعل لإحدى خدم الدار جعلا على أن تريه مناديل البك التي في طريقها إلى الغسل، فتظاهرت الخادم بالرضى وواعدته زمانا ومكانا، ومضت من فورها إلى سيدتها فأخبرتها الخبر، فأشارت إليها أن افعلي، وحذرتها مطالعة سيدها بذاك.
صفحة غير معروفة