يعلمنا اقتضاء الشكر عليه فقال: (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة: ٨٩ وكما قال تعالى: (وَاذْكُرُوا مَا فيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: ٦٣ وقد وصف أعداءه بعد ذلك فقال: (الَّذينَ كَانَتْ أعْيُنُهُمْ في غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِى) الكهف: ١٠١، وقالت أم الدرداء كانت أكثر عبادة أبي الدرداء التفكر، وقد كان يقول: ما يسرني أن أريح في كل يوم ثلاثمائة دينار أنفقها في سبيل اللّه ﷿، قيل: ولم ذلك؟ قال: يشغلني ذلك عن التفكّر، أو يعتقد حسن النيات وينوي جميل الطويات فيما بينه وبين الخالق تعالى وفيما بينه وبين الخلق أو يستغفر الله تعالى، ويجدد التوبة لما مضى من عمره ولما يأتنف من مستقبله، أو يخلص الدعاء بتمسكن وتضرع وتملّق وتخشع ووجل وإخبات إلى أن يعصمه من جميع المنهى، وأن يوفقه لصالح الأعمال ويتفضل عليه برغائب الأفضال وهو في ذلك فارغ القلب مجرد الهم موقن بالإجابة راض بالقسم، أو يتكلم بمعروف وخير ويدعو به إلى الله تعالى وينفع به أخاه، ويعلم من هو دونه في العلم، فهذه كانت أذكار المتقدمين وأفكار السالفين، وقد كان الذكر والفكر من أفضل عبادة العابدين وهو طريق مختصر إلى ربِّ العالمين ففي أي هذه المعاني أخذ فهو ذاكر لله ﷿، فلا يزال كذلك وهو في جميع ذلك مستقبل القبلة في مصلاه، ولا يُستحب له أن يتكلم أو يعمل غير ما ذكرناه من الأذكار، وقد كانوا يكرهون الكلام بغير معروف وتقوى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومنهم من شدّد في ذم الكلام من الفجر إلى صلاة الغداة بغير ذكر وبر، وهذه سنة قد خملت فمن عمل بها فقد ذكرها.
1 / 30