قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

نجل ابن عابدين ت. 1306 هجري
80

قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى مَالِ الْمُرْتَهِنِ هَدْرٌ اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِقَدْرِ الْأَمَانَةِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا هَدْرٌ كَالْمَضْمُونِ. هِدَايَةٌ. وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: لَوْ كَانَ قِيمَته أَلفَانِ وَالدّين ألف فَجَنَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ رَقِيقَهُ قِيلَ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَغَيْرُ مُشكل، وَأما على قَوْله فجنايته هَا هُنَا مُعْتَبَرَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ أَمَانَةٌ هُنَا وَجِنَايَةٌ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ مُعْتَبَرَةٌ فَيُقَالُ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ صَارَ عَبْدًا لِلْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَالْهَالِكِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَاهُ بِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ حِصَّةُ الْأَمَانَةِ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ حِصَّةُ الْمَضْمُونِ فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى نَفْسِهِ دَيْنًا وَيُسْتَوْفَى مِنْ الرَّاهِنِ حِصَّتُهُ مِنْ الْفِدَاءِ وَيَكُونُ الْفِدَاءُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ اه. مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلْقِصَاصِ) بِأَنْ كَانَتْ خَطَأً فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دونهَا. در. قَوْلُهُ: (فِي النَّفْسِ دُونَ الْأَطْرَافِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ الْأَطْرَافِ هَدْرٌ، وَأَمَّا الْمُوجِبَةُ لَهُ فَمُعْتَبَرَةٌ إنْ أَوْجَبَتْهُ فِي النَّفْسِ دُونَ الْأَطْرَافِ فَيُفْهَمُ أَنَّهَا فِي الْأَطْرَافِ هَدْرٌ. تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ) يَعْنِي إنْ كَانَ الْعَبْدُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدَّمْنَا وَجْهَهُ آنِفًا عَنْ الْمِعْرَاجِ، فَلَوْ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي هَلَاكِ الرَّهْنِ. أَفَادَهُ ح. وَقَالَ: فَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالدَّيْنِ، كَمَا أَنَّ التَّعْبِير بِالرَّهْنِ لَهُ وَجه أَيْضا كَمَا لَا يخفى اه: أَي لانصه يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الدَّيْنِ بُطْلَانُ الرَّهْنِ. قَالَ ط: وَانْظُرْ مَا إذَا عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الدَّم، وَالظَّاهِر أَنه يبْقى على رهينته. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمَالِ فَيُبَاعُ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْدِهِ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ مَالَ إنْسَانٍ مُسْتَغْرِقًا قِيمَتَهُ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ فَالرَّهْنُ وَالدَّيْنُ بِحَالِهِ، وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلرَّاهِنِ افْدِهِ فَإِنْ فَدَاهُ بَطَلَ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِأَمْرٍ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَكَانَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ الرَّاهِنُ أَيْضًا يُبَاع فَيَأْخُذ دائن الْعَبْدُ دَيْنَهُ وَبَطَلَ مِقْدَارُهُ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ إنْ دَيْنُهُ أَقَلَّ وَمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ الْبَاقِي إنْ حَلَّ دَيْنُهُ، وَإِلَّا كَانَ رَهْنًا عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَحِلَّ فَيَأْخُذَهُ قِصَاصًا اه. قَوْلُهُ: (إذْ هُوَ) أَيْ الِابْنُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ أَبِيهِ: أَيْ فِي حق الْملك، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ ابْنِ الْمُرْتَهِنِ مُعْتَبَرَةً. تَتِمَّةٌ: فِي جِنَايَةِ الرَّهْنِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدَيْنِ فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الْكل منكل مِنْهُمَا مَضْمُونًا فَالْجِنَايَةُ هَدْرٌ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَّا تَحَوَّلَ إلَى الْجَانِي مِنْ حِصَّةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ نِصْفُ مَا سَقَطَ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَرْبَعَةٌ: جِنَايَةُ مَشْغُولٍ عَلَى مَشْغُولٍ، أَوْ عَلَى فَارِغٍ، وَجِنَايَةُ فَارِغٍ عَلَى فَارِغٍ، أَوْ عَلَى مَشْغُولٍ، وَكُلُّهَا هَدْرٌ، إلَّا الرَّابِعَ، فَإِذَا كَانَا رَهْنًا بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ فَالْمَقْتُولُ نِصْفُهُ فَارِغٌ فَيُهْدَرُ. بَقِيَ النِّصْفُ الْمَشْغُولُ مُتْلَفًا بِفَارِغٍ وَمَشْغُولٍ فَيُهْدَرُ نِصْفُ هَذَا النِّصْفِ لِتَلَفِهِ بِمَشْغُولٍ، وَيعْتَبر نصفه

7 / 80