قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

نجل ابن عابدين ت. 1306 هجري
40

قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَبَيَانُ ذَلِكَ: إذَا رَهَنَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ سَقَطَ دَيْنُهُ، وَلَوْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِخَمْسَةٍ أُخْرَى، وَلَو يخمسة عَشَرَ فَالْفَضْلُ أَمَانَةُ. كِفَايَةٍ. وَأَطْلَقَ الْهَلَاكَ فَشَمِلَ على الرَّاهِن مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَيَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْهَلَاكِ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ السَّابِقِ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. وَيَأْتِي آخِرَ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (وَيضمن بِالتَّعَدِّي) فَلَوْ رَهَنَ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ فَلَبِسَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَانْتَقَصَ سِتَّةً ثُمَّ لَبِسَهُ بِلَا إذْنٍ فَانْتَقَصَ أَرْبَعَةً ثُمَّ هَلَكَ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بدرهم وَاحِد من دينه وَيسْقط وَتِسْعَة لِأَنَّ الثَّوْبَ يَوْمَ الرَّهْنِ كَانَ نِصْفُهُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ وَنِصْفُهُ أَمَانَةً، وَمَا انْتَقَصَ بِلُبْسِهِ بِالْإِذْنِ وَهُوَ سِتَّةٌ لَا يُضْمَنُ، وَمَا انْتَقَصَ بِلَا إِذن وَهُوَ أَرْبَعَة وَيضمن وَيَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَإِذَا هَلَكَ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ نِصْفُهُ مَضْمُونٌ وَنِصْفُهُ أَمَانَةٌ فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ وَيَبْقَى لَهُ دِرْهَمٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ. ظَهِيرِيَّةٌ وَخَانِيَّةٌ مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ: (وَضَمِنَ بِدَعْوَى الْهَلَاكِ بِلَا بُرْهَانٍ) كَذَا فِي الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ بِلَا بُرْهَانٍ، وَأَنَّهُ بِإِقَامَتِهِ يَنْتَفِي الضَّمَانُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ. أَمَّا مَذْهَبُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْهَلَاكِ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ بِالْبُرْهَانِ، وَهُوَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْحَقَائِقِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الْحَلَبِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِي وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ. وَقَدْ زَلَّ قَدَمُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ هُنَا، فَأَفْتَى بِضَمَانِ الْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوَاهُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ، وومن رَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَقَالَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ رَأْسًا وَاحِدًا وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرَةٍ) كَالْحَيَوَانِ وَالْعَبِيدِ وَالْعَقَارِ أَوْ بَاطِنَةٍ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ. دُرَرٌ. قَوْلُهُ: (وَخَصَّهُ مَالِكٌ بِالْبَاطِنَةِ) أَيْ خَصَّ الضَّمَانَ بِالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لِلتُّهْمَةِ. غُرَرُ الْأَفْكَارِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ حَبْسُهُ بِهِ) أَيْ حَبْسُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (لِلْعَقْدِ) أَيْ عَقْدُ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ) بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ رَدِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَبْقَى عَلَى الرَّهْنِ رَهْنًا) أَيْ مَضْمُونًا، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ هِدَايَةٌ. قَوْلُهُ: (مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ مَعًا) أَيْ قَبْضُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالدّين فِي ذمَّة الرَّاهِنِ. وانى. قَوْلُهُ: (فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ رَدَّ الرَّهْنَ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَبْقَ رَهْنًا فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ إذَا كَانَت ذَات صفّين يُعْدَمُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ أَحَدِهِمَا. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَبَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَيَضْمَنُ وَيَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي، وَجَوَابُهُ مَعَ مَا فِيهِ فِي الْعِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا إجَارَةَ) فَلَوْ أَجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنٍ فَالْأُجْرَةُ لَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ آخِرَ الرَّهْنِ مَعَ بَقِيَّةِ فُرُوعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا إعَارَةَ) سَيَذْكُرُ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ أَحْكَامَ إعَارَتِهِ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنٍ أَوْ بِدُونِهِ.

7 / 40