قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

نجل ابن عابدين ت. 1306 هجري
139

قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

لِلْأَخِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يُقْتَصُّ) لَا يُقَالُ: الضَّرْبُ بِسِلَاحٍ قَدْ يَكُونُ خَطَأً فَكَيْفَ يَجِبُ الْقَوَدُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا شَهِدُوا بِالضَّرْبِ بِالسِّلَاحِ ثَبَتَ الْعَمْدُ لَا مَحَالَةَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَطَأً لَقَالُوا إنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الشُّهُودُ أَنَّهُ مَاتَ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ضُرِبَ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْعَمْدَ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِآلَةٍ قَاتِلَةٍ عَادَةً، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَنَّهُ مَاتَ فَهُوَ أَحْوَطُ اه. أَتْقَانِيٌّ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَوَّلُ الْجِنَايَاتِ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْآلَةِ الْجَارِحَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ لَمْ أَقْصِدْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ من جِهَته مُطلقًا عَن قيد العمدية والخطيئة فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الادنى. قَالَ فِي التاترخانية: وَفِي الْمُجَرَّدِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِحَدِيدَةٍ أَوْ سَيْفٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهُ فَقَتَلْته لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُقْتَلُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا قَالَ: ضَرَبْت فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْته، قَالَ هَذَا خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا اه مُلَخَّصًا. أَقُولُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَوْتَ مَتَى وُجِدَ عَقِيبَ سَبَبٍ صَالِحٍ يُضَافُ إِلَيْهِ لَا إِلَى شئ آخَرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الظَّاهِرِ سَبَبٌ آخر، وَإِن احْتمل لَان احْتِمَال حلاف الظَّاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَحْكَامِ. أَتْقَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الْمَكَانِ) أَيْ الْمُتَبَاعِدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَقَارِبًا كَبَيْتٍ شَهِدَ أَحَدُهُمَا إنِّي رَأَيْته قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ إنِّي رَأَيْته قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ فَتُقْبَلُ. وَلْوَالِجِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي آلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِعَصًا وَالْآخَرُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ. قَالَ فِي الْخِزَانَةِ: وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ بِالسِّكِّينِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِإِقْرَارِهِ جَازَ اه. وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَ بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ مُجَرّد الِاخْتِلَاف، لاكون مُوجِبِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا الْعَمْدَ وَالْآخَرِ الْخَطَأَ، عَزْمِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَكَرَّرُ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الْآلَةِ، فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أحد الشَّاهِدين شهد فِيهِ يقتل، وَالْآخَرُ بِآخَرَ وَيَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَالْعِلَّةُ أَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ، وَالْآخَرُ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ يَحْتَمِلُ الْعَمْدَ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَلَمْ يَثْبُتْ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَا فِي الْخَامِسَةِ لشهادة أَحدهمَا على الْفِعْل وَالْآخر عَلَى الْقَوْلِ فَلَوْ قَالَ لِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَشَمَلَ الْكُلَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُهَا فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، مَعَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَقَطْ، وَبِهِ تَظْهَرُ الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا، لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شَهِدَ بِقَتْلٍ آخَرَ، وَالْقَتْلُ لَا يَتَكَرَّرُ فَيُتَيَقَّنُ بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، أَمَّا فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ فَلَا يَظْهَرُ، فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَوْلَوِيَّةَ) أَيْ لَيْسَ إحْدَى

7 / 139