أحدها: أنه مجرد إخبار بما يكون لا بما يجب، وبالتالي فهو لا يدل على أولوية قريش بالإمامة فضلا عن الاختصاص بها، كما هو الحال في أشباهه من الأحاديث مثل: «الملك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة»(1).
يقول العلامة المقبلي: « الظاهر فيها الخبر، ألا ترى أن في بعضها: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان"، وفي بعضها: " الناس تبع لقريش في الخير والشر"، ولا يأمر صلى الله عليه وسلم باتباع الشر، وقد تكلف الناس الاستدلال بتلك الأحاديث على أن الإمارة أي الخلافة في قريش، وأنها محصورة عليهم، وكان يلزمهم أن القضاء محصور في الإزد، والأذان في الحبشة... والناس إنما رأوا مجرد فعل الصحابة، فأخذوا الواقعات شروطا كاشتراطهم العلم؛ لأن الإمارة في الصحابة كانت في العلماء، وكثيرا ما وقع ذلك لأهل الاستدلال كما في شرائط الجمعة وغيرها، ومن وفى النظر حقه علم أن ذلك بمجرده ليس بشيء، والله أعلم»(2).
وهو ما ذهب إليه العلامة الحسن بن أحمد الجلال(3) فقال: «إنه مجرد إخبار بما يكون لا بما يجب». وأيده غير واحد قديما وحديثا.
ثانيها: أنه لم ينص على منع الخلافة في غيرهم، يقول: الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى(4): «ليست دلالته قطعية؛ إذ لا تصريح فيه بتحريمها في غيرهم».
ثالثها: أنه لا ينسجم مع روح الإسلام، فهو يوقع الناس في الشك فيقولون: إنما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يوطد ملكا لأهل بيته كسائر الملوك، فيكون سببا للارتداد، ولهذه العلة لم يعط النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفاتيح الكعبة للعباس بن عبد المطلب.
صفحة ٥٧