ولتثبيت دعائم ملكهم فعل العباسيون كما فعل الأمويون حيث ثبتوا القول بحق قريش في الخلافة، ثم أطلقوا نظرية جديدة تقضي بحصر الخلافة فيهم(1)، بهدف قطع الطريق على العلويين وغيرهم من قريش، وأيدهم أبو مسلم الخراساني وأتباعه(2). وأبن الراوندي وأتباعه، قال ابن أبي الحديد(3): « أما الراوندية فإنهم خصصوها بالعباس رحمه الله وولده من بين بطون قريش كلها وهذا القول هو الذي ظهر في أيام المنصور والمهدي». واحتجوا لذلك بأن رسول الله توفي وخلف عمه العباس وابنته فاطمة والخلافة لا تصح في النساء فتعينت في العباس ثم في بنيه!!
وبحكم موقع بني العباس في السلطة لقيت هذه النظرية قبولا وأدخلت في كتب الفقه والأصول وأذعن لها ولاة الدولة وزعماء الأمصار؛ ولكن خصومهم من العلويين كانوا أقدر منهم على إقناع الناس بأنهم أحق وأولى بالخلافة.
وفي ظل ذلك الواقع أورد كل طرف ما أمكنه من البراهين والشواهد التي تؤيد دعواه وتحولت المسألة إلى قضية دينية لا يمكن التنازل عنها، وأخذت تتنامى حتى قدمت على شكل نظرية من نظريات النظام الإسلامي، وقدمها بعضهم على أنها أصل من أصول الدين يحرم مخالفته.
صفحة ٤٠