القرآنيون، نشأهم - عقائدهم - أدلتهم

علي محمد زينو ت. غير معلوم
99

القرآنيون، نشأهم - عقائدهم - أدلتهم

الناشر

دار القبس

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

والثقة إذا حدّث بالخطأ فحُمِلَ عنه وهو لا يشعر أنه خطأ ٌ يُعمَلُ به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سببًا للعمل بما لم يقله الشارع، فمن خشي من إكثار الوقوع في الخطأ لا يُؤمن عليه الإثم إذا تعمّد الإكثار، فمن ثمّ توقّف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث. وأما من أكثرَ منهم فمحمولٌ على أهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبُّت، أو طالت أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسُئلوا فلم يُمكِنهم الكتمان» (٣). ء - ما أُثرِ عن عمر من قوله: «حسبنا كتاب الله»: وذلك في واقعةٍ حصلت في مرض وفاة حبيبنا محمدٍ أخرج خبرَها البخاري في مواضعَ من «صحيحه» وغيرُهُ عن ابن عباس ﵁ قال: لما اشتد بالنبيِّ ﷺ وجعُهُ قال: «اتئوني بكتابٍ أكتُبْ لكم كتابًا لا تَضلُّوا من بعده». قال عمر ﵁: إن النبي ﷺ غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط قال: «قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع». فخرج ابن عباس ﵁ يقول: إن الرزيّةَ كلَّ الرزيّةِ ما حال بين رسول الله ﷺ وبين كتابه (١). وهذا الحديث أخرجه البخاريُّ في باب كتابة العلم من كتاب العلم من «صحيحه»! وهذا من فقهه العظيم؛ والشاهدُ همُّ النبيِّ أن يكتبَ لأمته كتابًا يحصل معه الأمن من الاختلاف وهو لا يهمّ إلا بحقّ (٢). وقد بيّن العلماءُ توجيه قول عمر ﵁، وقد جمعَ من دُرَرِهم الحافظ ابن حجر العسقلانيّ باقةً عطرةً فقال: قال القرطبي وغيره: «ائتوني» أمر، وكان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر ﵁ مع طائفةٍ أنه ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح، فكرهوا أن يكلّفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة؛ مع استحضارهم قوله تعالى:

(١) «فتح الباري» ١/ ٢٧٢. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه» برقم (١١٤)، ومسلمٌ في «صحيحه» برقم (٤٢٣٢). (٣) يُنظر: «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني ١/ ٢٨٤.

1 / 114