أما الحنابلة فقد قالوا بما يشبه ذلك ويدور حول ذات الفكرة وهو قول أحد أسلافهم : ( من قال القرآن مخلوق فانه يعبد صنما ) !!(10) وهو يقصد أن من قال القرآن - الذي هو كلام الله - مخلوق فهو يعبد إلها لا يتكلم ! ، مع ملاحظة أن الله عزوجل عندهم متكلم أزلا بكلام قديم هو هذه الحروف والأصوات ) الكلام اللفظي ( .
وفي الحقيقة أن هذا وذاك بالإضافة إلى كونه كلاما غاية في السطحية التهافت ، وأشبه بتصورات العوام فإنه يدل بوضوح على عقلية التشبيه ) تشبيه الله بالمخلوقين ( وقياس صفاته تعالى بصفاتنا ، وتصور أن الإله لابد أن يكون متكلما بكلام قائم بذاته كما نتكلم نحن ، وإلا لكان صنما ولما كان إلها !! ..
] أما الرد على هذا الاستدلال - كما أجاب القائلون بخلق القرآن - نختصره في الآتي :[
أولا : إن القائلين بحدوث كلام الله لا يعنون ( بكونه تعالى ليس متكلما أزليا إلا أنه لم يكن فاعلا الكلام دونه أن يعني ذلك سكوتا ولا خرسا ) )11(
وثانيا : أنه لا تلازم بين هاتين الصفتين ) فمن أين يلزم إذا لم يكن يقال متكلما أن يكون أخرس أو ساكتا ، وما المانع من خلوه تعالى عن هاتين الحالتين في الأزل فلا يكون متكلما ولا أخرسا ولا ساكتا ( (12)
صفحة ٤٦