وغاية ما هنالك انهم أرادوا أن يتخلصوا من تلك الإلزامات الشنيعة التي تترتب على القول بقدم ما بين الدفتين أي قدم الحروف والألفاظ ، وأرادوا في نفس الوقت الحفاظ على فكرة أزلية كلام الله وأن القرآن غير مخلوق
فقالوا : بأن كلامه تعالى الأزلي- عندهم - ليس هو هذه الحروف والأصوات ، وإنما هو كما جاء في قواعد العقائد للغزالي ص182 : ) وصف قائم بذاته ليس بصوت ولا حرف بل لا يشبه كلامه كلام غيره كما لا يشبه وجوده وجود غيره ( (4) أي انهم أنكروا حقيقة الكلام الذي هو الكلمات والألفاظ المؤلفة من الأصوات والحروف ) الكلام اللفظي (
إذا ما هو الكلام ؟
قالوا - كما جاء في قواعد العقائد للغزالي ص 183 - : ) والكلام بالحقيقة كلام النفس وإنما الأصوات قطعت حروفا للدلالات كما يدل عليها تارة بالحركات والإشارات ( (5) .
وقال الرازي في المحصل : ) أما أصحابنا فقد اتفقوا على أن الله تعالى ليس بمتكلم بالكلام الذي هو للحروف والأصوات بل زعموا أنه متكلم بكلام النفس ( (6) .. وعبروا عنه بالكلام النفسي والكلام الأزلي ، وقالوا عنه : " انه بمعنى قائم في ذات المتكلم به ، وان الألفاظ في الحقيقة ليست كلاما وإنما هي دوال على ذلك المعنى القائم في النفس أو الكلام النفسي الذي هو الكلام حقيقة عندهم !!
صفحة ٣١