أما علاقة ذلك بمسألة ( كلام الله ) هل هو مخلوق أم قديم ؟ فيعود إلى كون المشكلة الأساسية التي واجهتها المسيحية على إثر ظهور القول بألوهية المسيح عليه السلام ، وإقراره في عهد الدولة الرومانية من قبل المجامع المسكونية فيما عرف بمجمع ) نيقية ( الذي انعقد عام 325ه ، هي أن من صفات الإله أنه قديم وأزلي ، ولم يسبق بعدم ، وأيما شيء سبق بعدم فهو مخلوق محدث ، والقول بألوهية المسيح عليه السلام يلزم منه أن يكون المسيح قديما وأزليا ، في حين انه عليه السلام ذو طبيعة إنسانية محدثة لا يمكن إنكارها ولدته أنثى جزئية محدثة مخلوقة ( السيدة مريم عليها السلام ) ، أي انه ليس له وجود سابق على مولده فكيف تلد إلها والإله قديم أزلي ؟ ) !! ناهيك عن الإشكالات الأخرى ) .
الأمر الذي جعل اعتقادهم ذلك مرهون بإثبات قدم المسيح وأزليته ، وبالأحرى - بعد تبنيهم لذلك المعتقد الخطير - إثبات وجود قديم مغاير لطبيعة الإنسان وسابق على مولده ، ومتقدم - منذ الأزل - على ( التجسد ) الذي قالوا بحدوثه بعد ذلك ممثلا - كما ذهبوا إليه - في نزوله واتصال الألوهية بالإنسانية وامتزاجهما واتحادهما في جسد المسيح ، على نحو اختلفت الكنائس المسيحية آنذاك في كيفيته بعد أن اتفقت بفرقها الثلاث ( الملكانية وهم الكاثوليكية ، واليعاقبة وهم الأرثوذكسية ،والنساطرة ) ، على القول : ( إن الله واحد بالجوهرية ثلاثة بالأقنومية ) ، والأقانيم هي الصفات ( الوجود والعلم والحياة ) ، أو هي أشخاص : الأب - ويعني بمد الألف في اللغة السريانية ( الله ) ويريدون به الذات - والإبن وروح القدس ، وأن الأقنوم الثاني الذي يشير إلى العلم قد تجسد في شخص المسيح ..) ( 3 ) .
(3) المصدر السابق ، ج1 ص53 .
....
صفحة ٢١