ومن هنا جاء وصفهم لصفات الذات الإلهية ( الحياة والقدرة والعلم ونحوه ) بأنها أزلية قديمة أي أنها مرتبطة بذاته الأزلية القديمة ( بل هي عين ذاته كما أكدته العدلية ، وقائمة بذاته كما ذهب إليه الأشاعرة والحنابلة ) ، فلم يزل الله سبحانه حيا قادرا عالما قبل أن يكون معه شيء وقبل ان يخلق شيئا ، بخلاف صفات الفعل ( الخالقية والرازقية وغيرها ) فهي ليست أزلية قديمة وإنما اتصف الله بها بعد أن خلق المخلوقين فلا يقال بأن الله سبحانه وتعالى خالقا رازقا محييا مميتا ( في الأزل ) ، لأن ذلك يلزم منه وجود المخلوقين مع الله في الأزل ، وبالتالي انتفاء المخلوقية عنهم ، ومشاركته في القدم والأزلية ، ومن ثم في الألوهية خلافا لصفات الذات الثابتة له في الأزل والتي هي عين ذاته أساسا وليست شيئا آخر غير ذاته ، ولا أمرا زائدا على الذات ، نحو قادر عالم بصير سميع حي غني حكيم ، وغير ذلك من الصفات الجارية على الذات لا باعتبار أمر يفعله - كما عرفها الإمام يحي بن حمزة عليه السلام - في مقابل الجارية على الذات باعتبار أمر يفعله ( كالخلق والرزق ونحوه من صفات الفعل ) .
ونعود الى حديثنا .
] معنى خلق القرآن وقدمه [
لا يختلف اثنان من المسلمين في أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو الذي نتلوه في المحاريب ونقرأه في المصاحف بنصه وحرفه دون زيادة أو نقصان وقد خصه الله تعالى بما لم يخص به سائر الكتب السماوية السابقة التي أنزلها على أنبيائه ورسله ، حيث تكفل بحفظه من التحريف والتبديل والتغيير والضياع ... الخ ، قال تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
وهو باقي مابقي الدهر ، وسيظل محفوظا مصانا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
صفحة ١٥