ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
الناشر
مكتبة دروس الدار
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
مكان النشر
الشارقة - الإمارات
تصانيف
إذا خرج منها الفرخ. فهذه عند التفكر والتأمل ليست عبثًا، بل إنَّ لها موجدًا، وهو الله ﷾. وسئل أبو نُوَاس الشاعر المعروف فأنشد:
تأمَّلْ في نباتِ الأرضِ وانظر … إلى آثار ما صَنَعَ المليكُ
عيونٌ من لُجَينٍ شاخصاتٌ … بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ شاهداتٌ … بأنَّ اللهَ ليس له شريكُ (^١)
هذا النبات وهذا الكون كله يشهد بوجود الله ﷾.
وذكر ابن المعتز عن أبي العتاهية أنه كتب:
أيا عجبَا كيف يُعصَى الإلـ … ـهُ أم كيف يجحدُهُ الجاحدُ!؟
ولله في كلِّ تحريكةٍ … وتسكينةٍ أبدًا شاهدُ
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ … تدُلُّ على أنه واحدُ
فرأى هذه الأبيات أبو نواس فكتب:
سبحانَ منْ خَلَقَ الخَلْـ … ـــقَ مِنْ ضعيفٍ مَهينِ
فساقه مِنْ قرارٍ … إلى قرارٍ مَكينِ
يحول شيئًا فشيئًا … في الحجب دون العُيون (^٢)
التأمل في خلق الإنسان:
وتأمل في خلقكِ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ [الأعراف: ١١].
قال ابن عباس ﵄: "خُلِقوا في أصلاب الرجال، وصُوِّرُوا في أرحام النساء" (^٣).
فخلقك يحتاج إلى تأمل وإلى تفكر كما قال تعالى: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)﴾ [الذاريات].
وقرأ عبد الرحمن بْنُ زَيْدٍ ﵀: هذه الآية مع قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
(^١) انظر قصة الإمام مالك وما بعدها في مفاتيح الغيب (٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤)، وتفسير ابن كثير (١/ ١٩٨، ١٩٧). (^٢) انظر الأبيات في طبقات الشعراء لابن المعتز، ص ٢٠٨، ٢٠٧، وأورد نحوها البيهقي في الشعب (١٠٥). (^٣) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٨٢٣٢) والحاكم (٣٢٤٢) -وعنه البيهقي في شعب الإيمان (١٠٦) - وصححه على شرطهما والصواب أنه صحيح فقط.
1 / 96