ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
الناشر
مكتبة دروس الدار
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
مكان النشر
الشارقة - الإمارات
تصانيف
بتحقيق الإيمان قولًا، وعملًا، واعتقادًا، فهذا (يعني الاستثناء) واجبٌ خوفًا من هذا المحذور (يعني يقول: أنا مؤمن لكن لا أجزم بأني كامل الإيمان، وبأني متحقق في هذه التزكية فإن الله يقول: فلا تزكوا أنفسكم ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢)﴾ [النجم])
٣ - والقسم الثالث: قال ﵀: وإن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله فهذا جائز (^١).
إذًا يختلف هنا قول: "إن شاء الله" إن قصد به التزكية أم لا. فجزم الإنسان لنفسه بالإيمان مطلقًا لا ينبغي. وإنما الجزم هنا يكون بقوله: "أنا مسلم"، وعلى هذا تتنزل عبارات السلف على هذه المقاصد وليس بينها اختلاف والحمد لله.
وقد ضرب العلماء أمثلة على ذلك، فقالوا: لو قال الإنسان: "أنا صائم غدًا إن شاء الله" نقول: ماذا قصدت بالاستثناء هنا أو ماذا قصدت بالمشيئة؟
هل قصدت بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد؟
فإن قصد الشك والتردد فإن هذه النية نية فاسدة أي: إذا قصد بقوله: "أنا صائم إن شاء الله" أنه قد يصوم وقد لا يصوم فهذا شك. لكن إذا قال: "لا، أنا لم أقصد الشك، وإنما قصدت العزم على ذلك، وأن يُهيِّئ الله لي هذا الأمر"، فهنا نقول: ليس هذا ترددًا في النية، وإنما قصد أنَّ صومه معلَّق بمشيئة الله وتوفيقه وتيسيره؛ ولهذا يختلف التعليق من مسألة إلى أخرى.
ومن هذا الباب:
حديث زيارة القبور: أنَّ النبي ﷺ دعا فقال: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» (^٢). فهذا التعليق هو في أمر متيقن والمقصود به أننا إلى الله سائرون حقيقة.
_________
(^١) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (٣/ ٨٥).
(^٢) مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 85