309

قصص من التاريخ

الناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

العاشرة

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

جدة - المملكة العربية السعودية

تصانيف

اللجج والبحار ويجوب السباسب والقفار ليقدم بغداد، لا طمعًا بمال يناله أو جاه يحصله، أو صديق يزوره أو امرأة يخطبها أو لذة يطلبها، ولكن رغبة في العلم وحبًا للحديث وشوقًا إلى لقاء أبي عبد الله!
فلما سمع الفندقي اسم أبي عبد الله انتبه وتبدلت حاله، وطفت على وجهه خيالات من الحب العظيم والإجلال الكبير الذي يحتفظ عليه قلبه لهذا الإمام. وقال بلهجة أرق ونغمة أعذب، قد ذاب فيها حقده على بقيّ بن مخلد في محبته لأبي عبد الله: أتقول إن الرجل قدم من الأندلس ليلقي أحمد بن حنبل؟
- نعم.
- يا له من شرف في الدنيا والآخرة! وهل لقيه؟ ألا تخبرني كيف لقيه؟
قال: إنه نزل عليك في هذا الفندق فألقى فيه متاعه وذهب يطلب أبا عبد الله، وكان ذلك أيام المحنة والناس لا يجرؤون على ذكر اسمه، وأبو عبد الله منفرد لا يلقاه أحد إلا أخذته عيون السلطان فناله أذى شديد. فلما علم الرجل بذلك ناله من الغم ما الله عالم به، فأمّ المسجد الجامع في الرُّصافة يسمع من المحدثين، فما زال يمر بالحِلَق حتى انتهى إلى حلقة نبيلة فوقف عليها، وكنت أول من رأى زيه الغريب، فسلمت عليه أونس غربته، فسألني: من هذا الشيخ؟
قلت: يحيى بن معين.

1 / 317