قصص من التاريخ
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
العاشرة
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
ما يفارقه فصورتها في ناظريه نقية حلوة مخلوقة من النور:
بيضاءَ كالشّمسِ وافَتْ يومَ أسعدَها ... لم تؤذِ أهلًا ولم تُفحِشْ على جارِ
وعطرها في أنفه؛ لا العطر الذي تستعيره الحسان من الزهر ويستجدينه الروض، بل العطر الذي تقبس الوردة منه فتتيه على زهور الحقل بأريجها، وتأخذ منه الزنبقة فتختال منه عجبًا، وتشمه الفلة فتميس بين الرياحين دلالًا، لا تمس «نعم» الطيب إلا لتطيبه بها:
والطيبُ يزدادُ طيبًا أنْ يكونَ بها ... في جِيدِ واضحةِ الخدَّينِ مِعطارِ
ويهمس الشاعر في أذن الطيف الذي يراه أحاديث الغرام، ويبثه الشوق المبرح والحنين الطويل، والطيف صامت لا يجيب. فتخالطه الحسرة والكمد، ولا يدري لهذا العتب سببًا، ويود لو فداها بروحه وأعتبها. ويقبل على الرفاق يقول لهم، وما قوله إلا صدى أفكاره ورَجْع ما في نفسه من الحسرات:
نُبِّئتُ نُعمًا على الهُجران عاتبةً ... سقيًا ورعيًا لذاك العاتِبِ الزّاري
ويخاف الرفاق أن يطول بالشاعر تذكره أو يعود إلى جِنته، فلا يزالون به حتى يصحو من سَكرته ويعود إليهم.
* * *
ويولي الركب عن دار «نُعمٍ» والشاعرُ منكبٌّ على راحلته صامت كئيب، يفكر في دار الحبيب وهي خلاء قواء، تنشد فيها الرياح أناشيد الفناء؛ لا الحب عاد ولا عادت لياليه، ولا الشباب
1 / 283