206

قصص من التاريخ

الناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

العاشرة

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

جدة - المملكة العربية السعودية

تصانيف

يوم اللقاء
لمّا خرج عبد الله من المنزل المهجور كان الليل قد عسعس فانجابت ظلمته عن سنا السحَر، والصبح قد تنفس فتضوّعت أنفاسه الناعشة في أرجاء هذا الوادي المقدس، وكان الكون لابسًا ثوب شاعر مدلّه، أو عابد متبتل، يغمر النفس بحس سماوي لا تصل إلى الإحاطة بوصفه لغات البشر.
ولكن عبد الله لم يتلفت إلى شيء من ذلك ولم يُلقِ إليه وعيه، لأن الدنيا قد ماتت في عينيه منذ عزم على الموت وسلك سبيله. وماذا ينفع السحر وجمالُه رجلًا فرغ من ذلك كله وخلّفه وراءه ليستقبل حفرة الموت التي لا تضيئها أشعة الشمس ولا يصل إليها رَواء السحر؟
وماذا يرى المسلول اليائس في صفاء العيون، وضحك الزهور، وغناء العصافير، وهو يعلم أنه سيموت ويحتويه هذا القبر الموحش ... فلا تدري به الينابيع ولا تكف عن وسوستها وتغريدها، ولا يحفله الورد ولا يمسك ضحكه حزنًا عليه، ولا تأبه له الطيور ولا تقطع من أجله غناءها، والشمس لا تفتأ تطلع من

1 / 213