قلنا: إن الأحكام إنما على ظاهر الأمور، ولم يكلف الله العباد الحكم على الباطن، والعمل على النيات، فيقضى للرجل بالإسلام بما يظهر منه ولعله ملحد فيه، ويقضى أنه لأبيه ولعله لم يلده الأب الذي ادعى إليه قط، إلا أنه مولود على فراشه، مشهور بالانتماء إليه. ولو كلف من يشهد لرجل بواحد من هذين المعنيين على الحقيقة لم تقم عليه شهادة. ومن يحضر مجالسنا لا يظهر نسبا مما ينسبونه إليه، ولو أظهر ثم أغضينا له عليه لم يلحقنا في ذلك إثم.
والحسب والنسب الذي بلغ به القيان الأثمان الرغيبة إنما هو الهوى. ولو اشترى على مثل شرى الرقيق لم تجاوز الواحدة منهن ثمن الرأس الساذج. فأكثر من بالغ في ثمن جارية فبالعشق ولعله كان ينوي في أمرها الريبة، ويجد هذا أسهل سبيلا إلى شفاء غليله ثم تعذر ذلك عليه فصار إلى الحلال وإن لم ينوه ويعرف فضله، فباع المتاع وحل العقد وأثقل ظهره بالعبية حتى ابتاع الجارية.
صفحة ١٦٥