أما الأجانب من كل لون وجنس فهم عنصر ممتاز يجب حمايته حتى لا يناله ضر أثناء الضرب والعدوان.
وأما صاحب العرش، الخديو توفيق، فهو حليفهم الأكبر؛ فمن الواجب أيضا أن تشمله رعايتهم وحمايتهم.
وهذه أعجوبة أخرى من أعاجيب هذه القصة، فإنك لن تجد في كتب التاريخ مهما قرأت أن عدوا يهاجم بلدا فينضم صاحب العرش إلى العدو المهاجم ويحالفه ضد شعبه ورعيته، ولكن هكذا شاء توفيق، وهكذا ضرب للخيانة مثلا فذا لن تجد له شبيها أو مثيلا.
وفي نفس اليوم، 9 يوليو، أرسل مستر «كارترايت» مذكرة إلى قناصل الدول، هذا نصها:
سيدي
أتشرف بإخباركم أنه من المرغوب فيه إعلان كافة الأشخاص التابعين لحكومتكم بأن يكونوا في البواخر الراسية في الميناء في مدة 24 ساعة تمد من تاريخ هذا الإعلان.
وهذه البرقية وحدها تثبت في وضوح أن أكذوبة المدفعين لم تكن إلا تعلة، وأن ضرب الإسكندرية كان أمرا معدا، تتخذ لتنفيذه الخطوات في ترتيب منظم محكم.
وسعى الإنجليز في نفس الوقت إلى حليفهم الأكبر الخديو توفيق للاتفاق على خير السبل لتأمين حياته، ويذكر أحمد شفيق (باشا) في مذكراته أن مستر كارترايت أشار على الخديو توفيق أن ينزل هو وأسرته إلى إحدى البوارج الإنجليزية ليكون في مأمن مما عساه أن يصيب سراي رأس التين لأنها عرضة لقذائف المدرعات، فأبى.
والرواية على هذا الوضع قد يفهم منها أن الرجل كان وطنيا خالصا، فقد أبى أن يقبل حماية الإنجليز له، ولكن اسمع ما قاله مستر «كارترايت» في برقية أرسلها إلى «لورد جرانفيل» في 7 يوليو، يخبره فيها بمقابلة تمت بين الخديو والسير «أوكلاند كلفن
Auckland Colvin »، وينقل إليه فيها ملخص ما دار بين الرجلين من حديث، قال فيها:
صفحة غير معروفة